التقشف يضع الاقتصاد الجزائري في "قبضة" الصين 

38serv

+ -

تعرض الحكومة مشروع إنجاز ميناء الوسط بولاية تيبازة، كأحد أكبر البرامج الاستثمارية التي يضاهي مشروع الطريق السيّار، باعتباره أحد الأقطاب التي تسعى من خلاله السلطات العمومية إلى إنعاش التجارة الخارجية، غير أن الوضعية الحالية للاقتصاد الوطني وانكماش المداخيل الوطنية من النفط جراء تقهقر أسعار المحروقات ربطت الحكومة بالصين التي تعرض أموالها لتغطية نفقات المشروع. تفتخر السلطات العمومية بالمشروع الذي سينجز بمنطقة الحمدانية شرق مدينة شرشال، بقيمة 3.3 مليار دولار على مساحة 2000 هكتار، من منطلق أنه سيتوفر على 23 رصيفا بطاقة معالجة سنوية لـ6.5 مليون من الحاويات و25.7 مليون طن من البضائع العامة، وتسعى السلطات العمومية لربطه أيضا بشبكات السكك الحديدية والطرقات السريعة ويتوفر على موقعين يمتدان على مساحة 2000 هكتار لاستقبال المشاريع الصناعية، في وقت يعبّر الميناء على تناقض في تفكير الحكومة التي تسعى بكل الطرق إلى تقليص فاتورة الواردات الوطنية. وسيعتمد المشروع على تمويل صيني، كمؤشر لعملية استدانة يمكن أن تقع على عاتق المؤسسة المختلطة الجزائرية الصينية، ولكنها تظل عملية استدانة في ظل تراجع الإيرادات، كما يتم الاعتماد على نمط تمويل المشروع أو ما يعرف ببروجكت فاينانس الذي يعتبر المشروع في ذاته ضمانا، كما يفرض خيار الشركات المنجزة التي ستكون صينية، مع تسجيل أول الإشكاليات فيما يتعلق بتسيير الميناء الذي يفترض أن يعهد إلى شركة شانغهاي للموانئ التي لم توقّع الى الآن على اتفاق التسيير، وتم التوقيع فحسب مع الشركات المنجزة “سي أس سي” أو “سي وسي أش أو سي” المساهمتان مع المجمع العمومي لخدمات الموانئ في الشركة المختلطة في 17 جانفي 2016 وفقا لقاعدة 51 و49 في المائة.ولم يكشف الجانبان إلى الآن عن صيغة التمويل وشروطه، باستثناء أنه تمويل على المدى الطويل، وأن إنجاز الميناء سيمتد لسبع سنوات، وهو ما سيطرح أيضا إشكالا في تدارك التأخر المسجل في المنطقة من قبل الجزائر، مع إقامة ميناء طنجة المغربي وتوسع نشاط ميناء مرسيليا وإقامة خمسة مشاريع كبرى لموانئ في المغرب.خيار الشريك الصيني يعيد إلى الأذهان قضية الطريق السيارعلى الرغم من الإخفاق الذي رافق مشروع الطريق السيّار وتضاعف تكلفته، إلاّ أنّ التوجه الجديد التي تتبناه الحكومة يوحي بأن نفس السيناريو يمكن أن يتكرر في مشروع ميناء الوسط، وإن كان ليس بنفس الطريق، كون المشروع الأول موّلته الخزينة العمومية، بينما الأخير سيكون ممولا من قبل الطرف الصيني، وإن كان الغلاف المالي المقترح (3.3 مليار دولار) سيغطي نفقات المرحلة الأولى فحسب، لتجد الحكومة نفسها مضطرة إلى تغطية باقي النفقات التي من المقرر أن تبلغ ضعفي المبلغ الأولي عن طريق قروض بنكية.وتتحفظ الجهات الوصية عن التطرق إلى كيفية اختيار الشريك الصيني، باستثناء ما صرح به وزراء في الحكومة، على غرار  المسؤول الأول على قطاع الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب، حين قال بأن الصين مستعدة لمساعدتنا في هذا الظرف في كافة المجالات، بينما تؤكد مصادر على اطلاع بالملف، بأن العقد تم بالتراضي بين الطرفين.شركة “سي. أس. سي. أو. سي” في القائمة السوداء للبنك العالميومن بين الإشكاليات التي يطرحها مشروع الميناء الجديد، وضع شركة “سي أس سي أو سي” التي أدرجت لمدة زمنية ضمن القائمة السوداء من قبل البنك العالمي بشبهة خرق التشريعات المتعلقة بالصفقات التي وعتها هيئة بروتون وودز، وظل المنع ساريا من 2009 الى 2015.وبالرجوع إلى موقع البنك العالمي، تظهر شركة “سي. أس. سي. يو. سي” الصينية من بين المؤسسات الممنوعة من الاستثمار في عدة دول عبر العالم بما في ذلك الصين. وقد وضعت في القائمة السوداء بسبب الاشتباه في خرق  الصفقات وشبهة الفساد، وهي المؤسسة التي ستنجز مشروع عقد امتياز يخوّل لها المساهمة في استغلال هذه المنشأة، الأمر الذي يطرح تساؤلات بشأن التزام الحكومة بهذه القائمة، بينما منعت السلطات العمومية الجزائرية في وقت سابق الشركة الكندية “سي. أن. سي لافالان” من إنجاز مشاريع في الجزائر لاشتباهها في قضايا فساد في عقود أبرمت مع الشركة الوطنية للكهرباء والغاز “سونلغاز”، وتم إدراجها تبعا لذلك في القائمة السوداء للمؤسسات المتعاملة بالفساد.وفي هذا الشأن، قال مصدر من السفارة الصينية، إن فرض قائمة البنك العالمي لا يكون في جميع الأحوال، إذ يتعلق بالمقام الأول بمشاركة المؤسسات المعنية في الصفقات العمومية، وهي المعاملات التي يمكن تصور اللجوء فيها إلى طرق غير قانونية ومنافية للمنافسة الشريفة للحصول على الصفقة. وذكر نفس المصدر، أن الاتفاق المبرم بين الحكومة الجزائرية والشركة الصينية لا يندرج في هذا الإطار، كونه تم أساسا على التراضي بين الطرفين.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات