38serv
فارق الطفل محمد بن عمر الحياة وهو في حضن والده زكريا ينزف دما، قبل وصوله إلى مستشفى الرويبة، متأثرا بجرح عميق على مستوى الرقبة، إثر إقدام أحد الجيران على ذبحه عند مدخل البيت، وأدرك الوالد أن ابنه سلم روحه لبارئها حين ابيض وجهه وازرقّت يداه، واجتاحت جسمه برودة، فراح يردد ويبكي “ابني شهيد.. ابني شهيد”. استعصى على الجيران والمقربين من عائلة بن عمر تصديق أن طفلا عمره 7 سنوات، يلعب أمام مدخل البيت رفقة شقيقه الصغير، باغته شخص ثلاثيني حاملا خنجرا حادا وأنهى حياته بذبحه، وتركه ينزف ويتخبط وهو يحاول صعود السلالم بمفرده، على مرأى من بعض الجيران الذين كانوا واقفين على مقربة من مسرح الواقعة، ولم يشاهدوا الكارثة إلا بعد ثوان من حدوثها، ليهرعوا حينها إلى العائلة ليساعدوها في إنقاذه، فيما بقي الجاني واقفا على بعد أمتار حتى وصل أخواه واقتاداه إلى مركز الدرك، كما يقول شاهد عيان من الذين عايشوا الوقائع.بعينين شاردتين وكلمات يغالبها البكاء، تحدث “ح. ب. ع”، ابن عم والد الضحية، ونقل شهادات أفراد العائلة الذين تلقفوا محمدا وهو يتخبط على مستوى السلالم هاربا من القاتل.. “سمعنا صراخا مدويا بالسلالم، فأدركنا أن خطرا كبيرا حل بأحد الأبناء، فهرعنا إلى مصدر الصوت فصدمنا بمشهد مفزع.. محمد يتخبط وملطخ بالدماء.. دخلنا في حالة هستيرية، وبادر أحد أفراد العائلة بحمل الطفل، وفي تلك الأثناء وصل والده زكريا وخطفه وراح يركض باتجاه مركبته وينادي بأعلى صوته يستنجد بأحد الجيران لمساعدته وأخذه إلى المستشفى.يكفكف محدثنا دموعه ويواصل.. “بلغني ما جرى وهرعت إلى البيت مسرعا، فأخبري أخي أن ابن زكريا وقع ضحية اعتداء بالسلاح الأبيض “الموس”، لم أتحكم في تصرفاتي وركضت باتجاه المستشفى، لا أعلم كيف وصلت، وفور وصولي التقيت بأخي والد الضحية.. عانقني وهو يبكي ويردد: “هنيئا ابني شهيد.. شهيد، “هذه إرادة الله”، “إني أحبه لكن” حينها تسمّرت في مكاني غير مدرك ما يجري حولي وما جرى لمحمد”.وبالقرب من منزل العائلة، رفض أحد الشهود الحديث إلى الصحافة، مشترطا مجيء شهود آخرين من مركز الدرك الوطني حيث يتم سماعهم، وبعد إلحاح دام ساعتين، سرد ما عايشه: “كنا واقفين على بعد حوالي 10 أمتار من مدخل بيت عائلة بن عمر، وكانت تفصلنا سيارة، وفجأة شاهدنا أحد الجيران أمامنا يصرخ ويجري باتجاه المدخل، ويقول: لقد ذبحه، لقد كان يلعب رفقة أخيه وهاجمه، وحين لحقنا وجدنا محمدا يتخبط كعصفور مذبوح ويحاول صعود السلالم، فيما بقي الفاعل واقفا بعيدا، فسارعت إلى الاتصال بالدرك وأشقاء الفاعل”.وتابع محدثنا غير مصدق كلامه: “رصدت الكاميرا المثبتة على واجهة البيت الفاعل وهو يهرول باتجاه المدخل، فيما رصدت محمدا وسط الدماء يحاول صعود مدرج البيت، وهي الفيديوهات التي يتم استغلالها في التحقيقات”، ليضيف آخر أن الطفل كان يلعب بمعية شقيقه ذي الخمس سنوات قبل تعرضه للاعتداء. وبخصوص دوافع قيام الجاني بفعلته، رجّح الجيران فرضية اختلال الجاني نفسيا، وهو الذي يشتغل سائق شاحنة من الوزن الثقيل، إذ قال البعض إنه يعاني من نوبات نفسية ظرفية، في حين شكك أحد أبناء عمومة الضحية في الفرضية، مؤكدا معرفته الجيدة بالجاني بكونه إنسانا عاديا يمارس حياته بشكل طبيعي، مطالبا بالتأكد من الأمر. انتقلنا إلى المدرسة “العلمية” حيث يدرس محمد في السنة الثانية، ووجدنا أن الصدمة امتدت إليها.. “الخبر” تحدثت، أمس، إلى مديرها الذي بدا متأثرا كثيرا، وقال إن طاقم المدرسة قام بعدة إجراءات أكاديمية للتخفيف من وطأة الحادثة على زملاء محمد، بمصارحتهم بما حدث بطريقة لا تترك أثرا نفسيا عميقا، مع التركيز على الجوانب الإيمانية وفتح باب الحوار معهم للتعبير عن شعورهم، مع قياس قدرة تفاعلهم مع الموضوع، كما حرصنا على عدم ترك الأطفال لوحدهم حتى لا يتأثروا بشكل عميق.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات