38serv
نجحت المراكز التجارية الكبرى في سحب البساط من تحت أقدام محلات البقالة والبيع بالتجزئة، بعد أن جمعت بين التسوق والفرجة، فأصبحت مقصد العائلات من أجل التسوق وقضاء أوقات ترفيهية لما توفره من أماكن لعب للأطفال وكذا مساحات لتناول الوجبات الخفيفة، ليكون التسوق في أجندة العائلة “يوما ترفيهيا بامتياز”.يكفي التجول في المراكز التجارية بالعاصمة لنقف على حجم الإقبال على هذه المراكز التي نجحت في إغراء المستهلك بما تقدمه من عروض لمختلف السلع وخيار أوسع للمستهلك بالمقارنة مع محلات البقالة، وكذا حملات التخفيضات الموسمية التي تعجز المحلات الصغرى عن مجاراتها.كما أن الجو في المراكز التجارية المغلقة والمكيفة يغري الزبائن للتسوق والتنزه في الوقت نفسه، حيث توفر ملاهي للأطفال ومقاهي ومطاعم الأكل الخفيف ومقاعد للانتظار، ما أوجد تهديدًا كبيرًا على أسواق البقالة الصغيرة التي بدأ عدد منها في الخروج من السوق، نظرًا لأنها غير قادرة على المنافسة.قصدنا مركز “مدينة سنتر” أرديس في العاصمة في يوم السبت، ولكم أن تتصوروا إذا سبق لكم زيارة المركز حجم الإقبال في نهاية الأسبوع، فلم تمنع المساحة الشاسعة للمركز من الوقوف على الأعداد الهائلة للمتسوقين وحتى من خارج الولاية، وهو ما كشفته لوحات ترقيم السيارات المركونة في الحظيرة، وأغلب هؤلاء من العائلات التي اصطحبت أطفالها، على غرار عائلة من زوجين وثلاثة أطفال استوقفناها وهي بصدد التسوق في جناح ألبسة الأطفال، قالت إنها قصدت المكان من ولاية بومرداس.تسوق وترفيهابتسم رب العائلة بمجرد أن بادرته بسؤال إن كان يجد في المركز التجاري بديلا عن محل البقالة في الحي، فرد “بالطبع لا مجال للمقارنة، هنا الخيارات أوسع ونجد كل ما نحتاج إليه، فأنا مثلا أغادر بيتي كل يوم للعمل في العاصمة قبل السادسة صباحا وأعود في وقت متأخر، وزوجتي كذلك، لهذا المركز التجاري هو خيارنا الأمثل من أجل اقتناء ما نحتاجه طيلة الأسبوع”.قاطعته زوجته التي قالت إنها تعتبر يوم الذهاب إلى المركز التجاري يوم اجتماع العائلة “الأطفال ينتظرون هذا اليوم بفارغ الصبر، هو يوم فسحتهم الوحيد، فاليوم يمكن أن نتسوق لما نحتاجه طيلة الأسبوع كما يمكن للأطفال أن يلعبوا في فضاءات التسلية التي يوفرها المركز، فاليوم مثلا وعدناهم بمشاهدة فيلم في قاعة السينما “7 دي”، وسنختم اليوم بتناول الغداء هنا طبعا قبل العودة إلى البيت”.خيارات أوسعولم يختلف زوجان التقيناهما بصدد اقتناء طعام جاهز من أجل تناوله في الفضاء الخارجي للمركز، خاصة أن الجو في ذلك اليوم كان ربيعيا، فالزوجة ردت بأن الخيارات لدى بقال الحي محدودة “لا يمكن أن أجد كل ما أبحث عنه لدى بقال الحي، كما أن الأسعار لدى البقال ثابتة، والأمر مختلف هنا يوجد دائما حملات تخفيضات وعروض خاصة، كما أنني أجد كل ما أحتاج إليه تحت سقف واحد وهذا يغني عن التجول في عدد من المحلات”.يواصل زوجها: “لا تنسي أيضا بطاقة التخفيضات للزبائن، التي تسمح بتخفيض مبلغ معين كلما اقتنيت سلعا من المركز، وهذا يستحيل أن توفره محلات البقالة الصغرى”. وهو نفس ما ذهبت إليه عائلة قصدت المركز من ولاية البليدة لقضاء يوم ترفيهي، فكان الزوجان والجدة والعمة وثلاثة أطفال، وفي حديثنا إلى أفرادها أجمعوا أنه لا بديل عن المراكز التجارية لملء “الثلاجة” وللترفيه طبعا “البقال أصبح بالنسبة لنا للضرورة القصوى فقط، فأحيانا نبحث عن علامات لا يوفرها المحل، كما أن الأطفال يستمتعون بمشاركتنا التسوق، وهو الفضاء الوحيد الذي يجمعنا ويسمح لنا بقضاء وقت ممتع بعيدا عن ضغط العمل والمدرسة بالنسبة للأطفال”. تبتسم الجدة وهي تشاركنا الحديث “يا ابنتي كنت أشاهد هذه الأماكن فقط في التلفاز، جميل أنها موجودة في بلادنا، مشاهدة ما توفره الرفوف كاف بالنسبة إلي، نشللوا عينينا”، تختم كلامها ضاحكة.أما رب العائلة، فيرى أن المركز التجاري يوفر له عناء التنقل بين المحلات والبحث عن مكان لركن السيارة، كل شيء في مكان واحد، مواصلا “ليس لي في العادة طول البال للتجول بين المحلات لاقتناء ألبسة للأطفال وغيرها، خاصة مع مشكل غياب أماكن لركن السيارة في العاصمة، هنا على الأقل أركنها بالمجان، وأنا مرتاح لتوفر الأمن، وأقتني كل ما تريده عائلتي من نفس المكان، وأختم يومي بتناول وجبة الغداء”.وبخلاف من تحدثنا إليهم سابقا، يرى زبون آخر التقيناه رفقة صديقه بالمركز التجاري لباب الزوار في العاصمة، كانا في جناح بيع الأجهزة الكهرومنزلية، أن المراكز التجارية الكبرى فضاء واسع حقا للتسوق والترفيه “لكن لاستنزاف الجيوب أيضا”، وأضاف محدثنا الذي قال إنه يفضل غالبا أن لا ترافقه عائلته للتسوق في المركز “التواجد هنا يستلزم ميزانية خاصة، صحيح أنك تجد كل ما تحتاج إليه لكن لا تنسى أنك تجد الكماليات أيضا، وإذا رافقتني زوجتي وأطفالي سأتجاوز بالتأكيد ما تسمح به ميزانيتي”.استنزاف للجيوبوهو نفس ما ذهب إليه مرافقه الذي أبرز “عندما أقصد محل البقالة فسأقتني الأساسيات، خاصة فيما يتعلق بالمواد الغذائية، لكن التواجد هنا سيضعك في مواجهة إغراء الألبسة والأجهزة الإلكترونية وغيرها، كما لا يمكن أن تقصد المكان دون أن تتناول وجبة في أحد المطاعم هنا خاصة إذا رافقك الأطفال، وبالتالي ما تجنيه في ما يقدمه المركز من تخفيضات، تخسره في الكماليات التي تكون مضطرا لاقتنائها، لهذا الخيار الأمثل لي عند زيارة هذه الفضاءات التسوق منفردا”.وهي الفرضية التي أكدها زبون آخر قاطعناه وهو يتناول الغداء رفقة عائلته، قال وهو يتبادل النظرات مع زوجته “لو كان الأمر بيدي ما كنت سأفرط في محل عمي موح، بقال الحي، هناك على الأقل ما كنت سأدفع أكثر من 1500 دينار ولا الضريبة التي تكبدتها اليوم، فقد كنت أنوي أن أقتني بعض الأساسيات بمبلغ لا يتجاوز 5000 دينار، لكنني دفعت في الأخير 15 ألف دينار مقابل مشتريات قليلة”.تقاطعه زوجته: “ربما هو محق، لكن ما كنت سأجد كل ما أحتاج إليه في محل عمه محمد” تضحك قبل أن تواصل: “بالنسبة لي أفضل أن أتسوق براحتي ولا أجد هذا إلا في المركز التجاري، ناهيك عن أن زوجي دائما مشغول في العمل ويوم التسوق في المركز هو اليوم الوحيد الذي يمكنني من الراحة والاستمتاع مع عائلتي وطبعا عدم طهو وجبة الغداء”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات