38serv
ما يزال المغرب ينتهج سياسة المماطلة ويبدي تعنتا كبيرا، رغم مرور 40 سنة عن إعلان قيام الجمهورية العربية الصحراوية، سعيا لفرض خياراته بخصوص “الطريق الثالث” أو “الحكم الذاتي”، ثم “الحكم الذاتي الموسع”، مستغلا حالة “اللاحرب واللاسلم” التي تسود منذ قررا وقف إطلاق النار عام 1991، وفرض الأمر الواقع، منتهكا كافة الأعراف والقوانين الدولية، ضاربا بالشرعية الدولية عرض الحائط، بما في ذلك المساعي التي قام بها المبعوث الأممي للأمم المتحدة كريستوفر روس الذي قُيّدت حركته في الأراضي المحتلة، مستغلا الثروات الطبيعية لبلد غني شعبُه فقير، ومخترقا الحقوق الإنسانية للشعب الصحراوي، ومانعا للمنظمات الدولية والحقوقية، ليعمل الآن على رفض زيارة الأمين العام بان كي مون نفسه للمنطقة والتي من المزمع أن تكون مطلع شهر مارس.آخر مستعمرة في القارة السمراء.. والمحتل مغربي تبقى قضية الصحراء الغربية من القضايا الراهنة المطروحة على الساحة الإقليمية والدولية ببعد تحرري، وكآخر ملفات تصفية الاستعمار في القارة السمراء، تكتسي بعدا استراتيجيا بالنظر لموقعها، كما أنها حظيت بعناية ومتابعة هيئات دولية كرست في غالبيتها مبدأ تقرير المصير، وحق الشعب الصحراوي في اختيار مصيره، في مواجهة المطالب المغربية ومطامعه للإقليم.القانون الدولي ينصف القضية الصحراويةإذا كانت فكرة مطالبة المغرب بإقليم الصحراء الغربية تعود إلى نوفمبر 1955، بالخصوص عندما أعد حزب الاستقلال ما عُرف بالكتاب الأبيض الذي تبنته ونشرته الحكومة المغربية سنة 1960، متضمنا الإشارة إلى الحقوق التاريخية في بلاد شنقيط موريتانيا أيضا وجزء من مالي والسنغال وجميع إقليم الساقية الحمراء ووادي الذهب، واستمر الأمر مع مطالبة علال الفاسي في 27 مارس 1956، فإن القانون الدولي أنصف قضية أدرجت في نطاق قضايا التحرر وتصفية الاستعمار، إلا أن المغرب ضرب عرض الحائط كافة القرارات، لاسيما أن الصحراء الغربية كان ينطبق عليها القرار الأممي رقم 1514 الصادر في 14 ديسمبر 1960، والمتعلق بمنح البلدان والشعوب المستعمرة استقلالها، إذ إن الصحراء الغربية باعتبارها مستعمرة وقضيتها قضية تحرير وطنية، فإن أولى الالتزامات كانت مفروضة على الدولة المستعمرة إسبانيا، لكن هذه الأخيرة أخلت بالتزاماتها تجاه القضية الصحراوية، رغم إقرارها بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وتنظيم استفتاء.الأمر نفسه ينطبق على السلوك المغربي الذي تجاوز قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي الصادر في 1975، وقام بغزو الإقليم الصحراوي، وقد تمت الإشارة من قبل الهيئات الدولية إلى أن النزاع في الصحراء الغربية قائم بين الشعب الصحراوي الممثل من قبل الجبهة الشعبية للساقية الحمراء ووادي الذهب (جبهة البوليساريو) كممثل شرعي ووحيد من جهة، وبين المغرب من جهة ثانية، وهو ما اعترفت به منظمة الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية في مجموعة من القرارات والتوصيات، منها قرار اللجنة الرابعة التابعة للجمعية العامة في منظمة الأمم المتحدة بتاريخ 20 نوفمبر 1979، وقبل ذلك اعترفت إسبانيا بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره أمام الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة منذ 1963، بقبولها إدراج إقليم الصحراء الغربية ضمن قائمة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، وهي القائمة التي أعدتها لجنة تصفية الاستعمار، لتقوم الجمعية العامة للأمم المتحدة بإصدار سلسلة من القرارات التي تكرس حق تقرير مصير الشعب الصحراوي، منها قرارات 2229 و3254 و2428 و2983، وبلغ عدد القرارات 10 ما بين 1965 و1975، ثم أعلنت إسبانيا في 20 نوفمبر 1970 قبول فكرة الاستفتاء، على أن ينظم بموافقة دول الجوار وتحت إشراف ملاحظين دوليين، بل أعلنت الحكومة الإسبانية في 20 ماي 1974 عن تنظيم الاستفتاء خلال الفصل الأول من 1975، قبل أن يغزو المغرب الأراضي الصحراوية بتواطؤ إسباني، رغم أن الجمعية العامة للأمم المتحدة كوَّنت في ماي 1975 لجنة خاصة كلفتها بدراسة الوضعية في الصحراء الغربية، عن طريق إيفاد لجنة تحقيق، وقدمت البعثة في 15 أكتوبر 1975 تقريرا أكدت فيه أن سكان الأقاليم يرغبون في الاستقلال التام وأنهم ضد أي ضم.أما منظمة الوحدة الإفريقية، فقد اعترفت بحق تقرير المصير للشعب الصحراوي، وطالبت باستقلاله في أكتوبر 1966، إلا أن الاتفاقية الثلاثية الإسبانية المغربية الموريتانية سنة 1975 أدت إلى فرض أمر واقع، رغم أن مجلس الأمن أصدر قراره رقم “أس 380” بتاريخ 16 نوفمبر 1975، وقراره رقم 3458 ب بتاريخ 10 ديسمبر 1975، يطالب المغرب بسحب فوري للمشاركين في المسيرة الخضراء لكن دون جدوى.قرار لاهاي.. أول صدمات المغربوقد شكل قرار محكمة العدل الدولية بلاهاي أول صدمة للمغرب في ادعاءاته بالسيادة على الإقليم الصحراوي، فبعد أن تقدم المغرب بطلب إلى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى الحكومة الإسبانية في 23 سبتمبر 1974 لإحالة ملف الصحراء الغربية إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، لتبدي رأيا استشاريا لتعزيز مطالبته بما يسميه “حقوقه التاريخية على الإقليم”. وبعد أن وافقت الجمعية العامة على الطلب المغربي، أحالته على محكمة العدل الدولية المذكورة والتي عقدت 27 جلسة علنية من 25 جوان إلى غاية 30 جويلية 1975، وأعلنت محكمة العدل الدولية رأيها الاستشاري في 16 أكتوبر 1975، تضمن التأكيد على عدد من العناصر الهامة، أولها أنه “غداة استعمارها من طرف إسبانيا (والذي حددته المحكمة اعتبارا من سنة 1884) لم تكن الصحراء الغربية أرضا بلا سيد، لأنها كانت مأهولة بالسكان، وعلى الرغم من بداوتهم كانوا منظمين سياسيا واجتماعيا في قبائل وتحت سلطة شيوخ أكفاء بتمثيلهم”، ثانيا أن “الادعاءات المغربية لا تمثل دليلا على وجود روابط سيادة إقليمية بين المغرب والصحراء الغربية، بالرغم من وجود علاقات تبعية (روحية، دينية) بين بعض قبائل المنطقة والسلطان”.وخلصت المحكمة إلى القول “إن جميع الأدلة المادية والمعلومات المقدمة للمحكمة لا تثبت وجود أية روابط سيادة إقليمية بين أرض الصحراء الغربية من جهة، والمملكة المغربية أو المجموعة الموريتانية من جهة أخرى”. وعليه فإن المحكمة لم يثبت لديها وجود روابط قانونية من شأنها أن تؤثر على تطبيق القرار (XV)1514 المتعلق بتصفية الاستعمار من الصحراء المغربية، وعلى الخصوص تطبيق مبدأ تقرير المصير من خلال التعبير الحر والحقيقي عن إرادة سكان المنطقة”. وشكل هذا القرار السند القانوني الأهم الذي ينتفي معه الادعاء المغربي.في نفس السياق، سارت منظمة الوحدة الإفريقية التي انضمت إليها الجمهورية الصحراوية سنة 1984، ويعني قبول عضوية الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في منظمة الوحدة الإفريقية أن أكثر من نصف الدول الأعضاء في هذه المنظمة قد اعترفوا بالصحراء الغربية كدولة إفريقية مستقلة ذات سيادة. وأصدر مجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي رأيا قانونيا تبناه مجلس الأمن للأمم المتحدة في 2015 حول ثروات الصحراء الغربية، أكد من خلاله عدم شرعية استغلال ثروات الصحراء الغربية، سواء من طرف المحتل المغربي أو غيره من الدول والشركات، حيث اعتبرت هذه الأنشطة انتهاكا صارخا للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي المتعلقة بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والتصرف في موارده الطبيعية. وفي وقت أرست فيه الهيئة الأممية مسار سلام ومفاوضات امتدت منذ إقرار اتفاق وقف إطلاق النار في 1991 إلى يومنا هذا، عينت عدة مبعوثين خاصين للصحراء الغربية، وأجرت خلال العشرية الماضية سلسلة من جولات الحوار غير المباشرة والمباشرة، بدأت سرية في 1979، وبرزت في 1982 مفاوضات المساعي الحميدة غير المباشرة بين جبهة البوليساريو والمغرب تحت إشراف منظمة الوحدة الإفريقية ومنظمة الأمم المتحدة، لتتعثر وتواجه انسدادا خلال السنوات الأربع الماضية.لكن توالت قطرات الغيث تباعا على الشعب الصحراوي الذي اكتوى بنار الاحتلال واللجوء في آن واحد، وتزامنا مع انعقاد المؤتمر الرابع عشر لجبهة الساقية الحمراء ووادي الذهب نهاية العام الماضي، صادق البرلمان الأوروبي وبالأغلبية على التقرير السنوي للاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان عبر العالم لسنة 2014، وأتى قرار البرلمان الأوروبي والمندوبية ومجلس الحكومة بإلزام احترام الحقوق الأساسية للشعب الصحراوي، والمطالبة بإطلاق سراح كافة السجناء الصحراويين في السجون المغربية، ودعا إلى فتح الإقليم أمام المراقبين الدوليين والبرلمانيين ووسائل الإعلام، ومراقبة حقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي، إلى جانب الدعوة لإيجاد حل عادل للشعب الصحراوي يمكنه من حقه في تقرير مصيره.كما اتخذ البرلمان الهولندي قرارا يقضي برفض اتفاقية كانت ستعقد بين المملكة المغربية ومملكة هولندا، لها علاقة بالجوانب الاجتماعية للهجرة المغربية ما بين البلدين، على خلفية أن الاتفاق يشمل جزءا من مناطق الصحراء الغربية.الولي مصطفى السيد.. الشهيد الرمز ولد المناضل والشهيد الصحراوي الولي مصطفى السيد عام 1948 ببلدة بئر لحلو شمال شرق الصحراء الغربية، قاوم الاستعمار الإسباني، من مؤسسي جبهة “البوليساريو”، وأحد أبرز الشخصيات الوطنية الصحراوية، أعلن قيام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في 27 فبراير 1975، انتقل من المعهد الديني بعد أن حصل على متابعة دروس انتقالية، ونال شهادة الثانوي وانخرط في الجامعة المغربية بكلية الحقوق فرع العلوم السياسية، وكان أول طالب صحراوي في تاريخ الجامعة المغربية ينال 19/20 في الحقوق الدستورية. فجر الولي ثورة 20 ماي وهو رائد فكرها النضالي الثوري. استشهد في 9 جوان 1976 في عملية عسكرية 200 كم شمال اكجوجت.من أقوالهأسباب الوجود والمكاسب، أسباب الكرامة والاحترام، هي حقيقةٌ واحدة اسمها الشعب.القوة الحقيقية التي تصنعُ التاريخ وتستطيع طرح حلولٍ للمشاكل هي قوة الشعب.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات