38serv
يقفز من جدار بيت إلى آخر، يدخل البيوت من نوافذها من دون استئذان، ويأكل ويشرب ويفر متسلقا حاملا معه الأشياء التي يجدها في طريقه... هو ليس باللص ولا بالمجرم، بل هو مجرد قرد صنع الحدث في حي تيقصراين ببئر خادم بالعاصمة، بحر الأسبوع الماضي، أُعلنت خلاله حالة الطوارئ، وأغلقت جميع النوافذ وحُرم على سكان الحي نشر ملابسهم في الشرفات. يستيقظ سكان حي تيقصراين كل يوم على مشهد جديد، بطله قرد صغير أطلق سراحه شخص يسكن حيا مجاورا بعد أن رباه مدة فاقت السنة، على حد قول أحد أبناء الحي، الذي أضاف: “بمجرد أن أخرج من المنزل صباحا، وللوهلة الأولى أتفقد الجدران والأشجار بحثا عن القرد المشاكس الذي كثيرا ما تسبب في اعتداءات على الأطفال والنساء”. والغريب في أمره، يواصل محدثنا: “أظنه قردا ألف العيش رفقة البشر، بيد أنه لا يخاف من أي كان ويتنقل على مقربة أمتار قليلة من الناس، وإن رميته بحجر أو شيء ما، فحتما سيرد عليك بالمثل”.قرد له “تابلات”تفاجأ الكثير من سكان الحي لرؤيتهم مشهد القرد يتسلق الأشجار ويداه تحملان جهاز “تابلات”، أخذها من أحد البيوت كانت نافذته مفتوحة، في سابقة فريدة من نوعها. يقول الشاب كمال، أحد أبناء الحي متعجبا: “لم أر في حياتي قردا يجلس في أعلى الجدار، تحمل يده الأولى جهاز “تابلات” والثانية منهمكة في الإبحار في عالم الانترنت، تماما مثلما يفعله الناس”، وأضاف “وتناهى إلى سمعي، أيضا، أنهم رصدوه يحمل هاتفا نقالا من الجيل الرابع”.تحوّلنا إلى حي الدشرة، نقتفي آثار القرد الذي صنع الحدث في أوساط السكان وذاع صيته في جميع أرجاء المنطقة، وما لبثنا حتى وجدنا أنفسنا نعبر أزقة ضيقة، يستحيل ولوجها باستعمال السيارة، ترتفع ومن ثم تعود للانحدار، وكأنك تسير في أزقة قصبة العاصمة أو دشرة ما في منطقة القبائل. وجد القرد ضالته في تلك الدشرة، يتنقل فوق أسطح المنازل والبنايات القصيرة. وما حفزه على المكوث هناك مدة فاقت الأسبوع؛ هو حصوله على الأكل من طرف أطفال الحي، الذين لم يبخلوا عليه بشيء، رغم اعتداءاته المتكررة عليهم. وما يثير الاستغراب؛ هو مكر القرد الذي فاق كل التصورات، حسب السيد دحمان، أحد سكان الدشرة الذي قال: “تخيّل، حاول أبناء الحي الإيقاع بالقرد وقدموا له موزة فيها كمية من المنوم وقارورة مشروبات للقبض عليه، لكن القرد تفطن للفخ الذي نصّب له، فتناول المشروب وألقى بالموزة عليهم واختفى بين الأشجار”.ويروي صاحب محل يبيع مواد غذائية لـ “الخبر”: “دخل القرد إلى المحل وقام بتخريب جميع الأشياء التي وجدها أمام ثم هم بالفرار”، ويضيف مبتسما “كان يأتي صباحا إلى المحل ويأخذ أكياس الحليب التي أعرضها في مدخل المحل، ويلقي بها في الطريق، ولم أجد له حلا إلا بإدخال السلع والامتناع عن عرضها بالخارج”.... داخل المدرسة أيضاانتقلنا بعدها إلى مدرسة ابتدائية تقع بمحاذاة حي “الدشرة”، وهناك التقينا مجموعة من الأولياء كانوا في انتظار خروج أبنائهم من المدرسة.. تقول إحداهم: “لقد قام بجرح الكثير من الأطفال، ولهذا السبب اضطررت للخروج من العمل يوميا خوفا من أن يعتدي على ابنتي”. أما سيدة أخرى، فقالت إنه تسبب في هلع كبير وروت لنا حادثة راحت ضحيتها امرأة حامل.. “تسلل القرد داخل منزلها وترصد لها، وأمسكها من شعرها.. ومن شدة الفاجعة، سقطت من سلالم المنزل، وكادت تفقد جنينها”.وتقول أخرى “لقد تمكن القرد من فتح نافذة قسم ودخل محدثا فوضى عارمة، جعلت التلاميذ يفرون خارج القسم”، إلا أن المشهد كان مضحكا للغاية”، حسب ابنها.حاولنا اقتفاء أثر القرد ورحنا نبحث عنه من حي إلى آخر، لكن الأمر بدا صعبا للغاية، بحكم أنه ينتقل بسرعة فائقة من حي إلى آخر، وحتى أفراد الأمن والحماية المدنية عجزوا عن الإطاحة به، على حد وصف أحد السكان، الذين عاشوا ولا زالوا يعيشون مسلسلا بطله قرد.كاد يحدث فتنة بين الجيرانالقرد الفضولي لم يكتف بأعمال الشغب ومضايقة السكان فقط، بل كاد يتسبب في فتنة بين شابين من أبناء حي واحد، فقد قام بأخذ حذاء رياضي من نوع “تي.أن” كان موضوعا في شرفة أحد المنازل، ونقله إلى شرفة أخرى لا تبعد إلا بأمتار، فوجدها الشاب في المنزل وظن أنها ملك لشقيقه، فارتداها وخرج بها، ليجد نفسه متهما بسرقة جاره، ولولا بعض العقلاء لتطورت الأمور إلى الأسوأ، قبل أن يكتشفوا أن المذنب هو ذلك القرد المشاكس.استنفار أمني على الشرفات والنوافذاستعصى على سكان حي الدشرة والأحياء المجاورة له، ترك نوافذهم مفتوحة، كما امتنع النسوة عن نشر الملابس في الشرفات، خوفا من أن يأخذها القرد ويلقي بها في الشارع أو في منزل أحد الجيران، وتقول سيدة لـ “الخبر”: “فاجئني القرد وهو ينزع الملابس التي كانت منشورة في الشرفة، وحاولت أن أطرده، لكنه فر حاملا قميص زوجي في يديه واختفى عن الأنظار”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات