ارتفاع ملحوظ للانهيارات العصبية عند الجزائريين

 باتت الظروف الصعبة التي يحياها الجزائري يوميا وراء إصابته بإحباطات متكررة تؤثر سلبا على نفسية الأغلبية، فهناك من لديه القدرة على تجاوز مختلف العقبات التي تعترض طريقه ويتغلب عليها بفضل شخصيته القوية والمقاومة، لكن يوجد في المقابل من لا يملك القوة على المجابهة ويترك اليأس يتغلب عليه ثم يفقد السيطرة على توتره ويصبح عاجزا عن التحكم في انفعالاته، وتكون النتيجة إصابته بانهيار عصبي.وعن الانهيارات العصبية التي عرفها الكثير من الجزائريين في السنوات الأخيرة حتى أن أقسام الأمراض العقلية ضاقت بهم، أكدت لنا الدكتورة فتيحة قسيمي، مختصة في الأمراض العقلية ومشرفة على عيادة للطب العقلي للأطفال بحي ڤاريدي في القبة، أن الأحداث المؤلمة التي شهدتها الجزائر بدءا بالعشرية السوداء ثم الكوارث الطبيعية من زلزال وفيضانات، التي عايش خلالها الجزائريون فترات جدّ صعبة بفقدانهم لأشخاص أعزاء عليهم، جعلت من طغيان الانهيارات العصبية وحالات الاكتئاب أمرا بديهيا، لتواصل حديثها قائلة إن “المختص في الطب العقلي بات شخصا بارزا في المجتمع الجزائري بسبب الطلب المتزايد عليه من يوم لآخر”، كما أن “عولمة انعدام الأمن الذي نراه عبر وسائل الإعلام التي تمرر حلقات متواصلة من صور الحرب والعنف، باتت تؤثر على نفسيات الكثير من مشاهديها كما لو كانوا قد عايشوها” تضيف محدثتنا، لتؤكد، من جهة أخرى، أن المدن التي نعيش فيها باتت في حد ذاتها “مدنا تبعث على القلق” بسبب ما تشهده طرقاتها من ازدحام مروري يومي، ناهيك عن ضغوط العمل التي يحياها يوميا سكانها.ويظهر أن الانهيــار العصبي يحدث نتيجة لمـا يحمله الفرد من شعور سلبي داخلي، حيث يشعر بأنه تحت وطأة مصاعب الحياة التي يعيشها ولا يستطيع تحملها، كما تكون ميكانيزمات جسمه عاجزة عن التأقلم معها. وهنا يطرح سؤال حول شخصية الأفراد المعرّضين أكثر من غيرهم للانهيار العصبي، فأكدت قسيمي أنهم من يتعرضون لمشاكل وهزات نفسية متكررة، مضيفة أن التدخين والإكثار من مادة الكافيين يعتبران من أهم العوامل المسببة لهذه الإصابات، لتشير إلى أن العلاج من الانهيارات العصبية يرتكز أساسا على الأدوية، تأتي فيما بعد مرحلة العلاج النفسي المتمثل في تعليم المرضى كيفية إدارة قلقهم نحو الأفضل.