38serv
يجوبون الشوارع حافي الأقدام ليل نهار بملابس رثة، بعضهم هادئ يعيش في عالمه الخاص والبعض الآخر تنتابه نوبات هستيريا لست محظوظا إن مررت بقربهم لحظتها.. هؤلاء احتضنهم الشارع، بينما بقي آخرون بين عائلاتهم التي تتكتم على علتهم وتتركهم يواجهون تبعات مرضهم إلى أن تنفجر نوبة الهستيريا ويتسبب مريضهم في جريمة قتل أو عاهة مستديمة.. فمن يتحمل مسؤولية جريمة يوقعها من “رفع عنهم القلم؟”. كثيرة هي جرائم القتل التي راح ضحيتها أبرياء، بقي فيها الجناة دون عقاب لأن حالتهم النفسية والعقلية تجعلهم بمنأى عن المتابعة القضائية، ولعل آخرها وأبشعها تلك التي هزت مشاعر سكان مدينة زرالدة بغرب العاصمة، شهر فيفري الماضي، حيث وضع شاب في عقده الثالث حدا لحياة والدته عندما هاجمها في نوبة غضب جنونية وغرز 17 طعنة خنجر في جسدها بكل برودة أعصاب ثم لاذ بالفرار.القاتل شاب في 30 من عمره، وهو ضابط عسكري سابق، يعاني اضطرابات عقلية منذ سنة 2012، أبعدته عن صفوف الجيش الوطني الشعبي. ورغم أن صحته العقلية أجبرته على المكوث في مصحة الأمراض العقلية بالمستشفى العسكري بعين النعجة في العاصمة قبل أن يتم إخلاء سبيله، إلا أن حالته تعقدت أكثر فأكثر قبل شهرين من وقوع الحادث المأساوي، وهدد والدته بالقتل في أكثر من مناسبة، حسب شهادة شقيقه لـ”الخبر”.لم ينته المسلسل الدرامي عند وفاة الوالدة، فعند محاولة أفراد الأمن إلقاء القبض عليه بولاية بجاية التي فر إليها، ثار الشاب وراح يهددهم باستعمال السلاح الأبيض وأصاب أحدهم في ذراعه، ولم يتمكنوا من السيطرة عليه إلا بإطلاق رصاصة أصابته في رجله لشل حركته وإلقاء القبض عليه، لينقل مباشرة إلى المستشفى حيث أجرى عملية جراحية على مستوى رجله المصابة، قبل أن يتم تحويله إلى مصحة الأمراض العقلية.وحمَل شقيق القاتل مسؤولية الحادث الأليم لمن أخلى سبيله من مصحة الأمراض العقلية، وكذا أفراد الأمن الذين تقدم لهم بعدة شكاوى أخطرهم فيها بالتهديدات التي لحقت أفراد العائلة من طرف الابن المريض عقليا. يهشم رأس والده في سطيفلكن، ليس لجميع الأولياء نفس وجهة النظر إزاء أبنائهم الذين يعانون من اضطرابات عقلية، فالكثير منهم يرفض الزج بهم داخل مصحات الأمراض العقلية، وهو ما حدث في ولاية سطيف السنة الماضية، حيث لم يخطر ببال شيخ أن تكون نهاية حياته على يد فلذة كبده المريض عقليا والذي رفض هو بنفسه إدخاله إلى مستشفى الأمراض العقلية. ففي صباح الجريمة، نشب شجار بين الابن المريض وشقيقه، أدخل الأول في حالة هستيريا، فحمل صخرة كانت موضوعة في مدخل المنزل وألقى بها على رأس والده المسن وأرداه قتيلا. وأكدت مصادر أمنية لـ”الخبر” وقتها أن الشاب سبق له قبل شهر من وقوع الحادث حمل عصا حديدية دخل بها إلى مسجد القرية أثناء صلاة الفجر وانهال على الإمام ضربا وأصابه بجروح متفاوتة الخطورة، كما اعتدى على المصلين الذين تدخلوا لحماية الإمام، ما استدعى تدخل أفراد الدرك الوطني.أزهق روح أمه ونكل بجثتهاجريمة أخرى مشابهة شهدتها ولاية سطيف، تورط فيها شاب في 28 من العمر قتل أمه التي تجاوزت العقد السادس من العمر، ومن دون أي إحساس اقتلع عينيها وقطع أذنيها بواسطة سكين، ولم تأخذه الرأفة بها رغم توسلها إليه وتكرارها عبارة “يا وليدي أفطن أنا أمك”.. بل وذهب إلى غاية تهشيم رأسها بواسطة عصا، وبعد تشخيص حالته تبين أنه مختل عقليا 100 في المائة.نظرة كلفته حياتهيحاول الكثير من الأشخاص تفادي المختلين عقليا في الشارع خوفا من أن يلحقهم الأذى، لكنهم يجهلون أن هذا السلوك من شأنه استفزازهم وقد يكلفهم خسارة حياتهم، مثلما هو الحال بالنسبة لشاب قتل على يد مختل عقلي يدعى “الشينوي” بحي برج الكيفان في العاصمة سنة 2008. الضحية صاحب 26 سنة يدعى “ش.أحمد”، ينحدر من ولاية المسيلة، كان يتجول بوسط المدينة سعيدا بالتحاقه بصفوف الحرس الجمهوري في العاصمة، لكن فرحته لم تكتمل بسبب نظرة وقعت صدفة في عيني مجنون يدعى “الشينوي”.ارتبك الضحية وبدا عليه الخوف، وما لبث حتى باغته المختل عقليا ووجه له طعنات مقص على مستوى بطنه، ليتم نقله إلى مستشفى مصطفى باشا الجامعي ومن ثم تحويله إلى المستشفى العسكري لعين النعجة، حيث فاضت روحه إلى بارئها. أما القاتل فقد ألقي عليه القبض بعد يومين من ارتكابه للجريمة، ولدى استجوابه من طرف مصالح الأمن صرح أنه كان في حالة متوترة لعدم تناوله دواءه.باغته في الظلاموفي حادث مماثل عاشته ولاية الطارف سنة 2010، تعرض أستاذ في الأربعين من عمره إلى اعتداء بالسلاح الأبيض على يد مختل عقليا متشرد بشوارع بلدية البسباس، أدى إلى وفاته.الضحية كان خارجا من منزله باتجاه المسجد لأداء صلاة الفجر، حين باغته المريض في الظلام الدامس وغرز خنجرا في صدره وهمّ بالفرار تاركا الضحية يسبح في بركة دمائه. وحسب سكان المنطقة، تسبب المختل عقليا في مضايقات كثيرة تجاه سكان الحي الذين طالبوا بإدخاله مستشفى الأمراض العقلية.يقتل والدته ويصيب والده بأم البواقيجريمة مشابهة شهدتها إحدى دوائر ولاية أم البواقي، ارتكبها مختل عقليا ضد والديه، ففي لحظة جنون طعن والدته وتركها غارقة في دمائها، ليتوجه بعدها إلى والده الذي أصابه بطعنة، ولولا تدخل شقيقه نتيجة الصراخ لكان والده في عداد الموتى.ضربة قاتلة لجاره بقسنطينةوعرف أحد الأحياء الشعبية ببلدية قسنطينة، خلال السنوات الماضية، حادثة قتل راح ضحيتها رجل يبلغ من العمر 43 سنة، على يد جاره المختل عقليا. ففي يوم الوقائع باغت المريض جاره وهو جالس في مقهى بواسطة آلة حادة، حيث وجه له ضربة قاتلة أدت إلى وفاته قبل وصوله إلى المستشفى، بينما تم تحويل المتهم بعد تقديمه أمام مصالح الأمن إلى مستشفى الأمراض العقلية بقسنطينة بعد أن أثبتت الخبرة العقلية أنه مختل عقليا.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات