38serv
تكشف وثيقة سرية، تنشر لأول مرة، في كتاب “جاك كاري” الذي ترجمه للعربية الدكتور عبد الرزاق ڤسوم، وصدر حديثا عن منشورات “عالم الأفكار”، بعنوان “جمعية العلماء المسلمين”، أن الشيخ البشير الإبراهيمي قدم دروسا وندوات لأعضاء الكومندوس الثلاثين الذين اختارهم محمد خيذر للتدريب في “حلوان” بمصر، بغية الإعداد لقيام الثورة.
جاء في تقرير أمني سري عن نشاطات جمعية العلماء المسلمين، صادر عن مصلحة التوثيق الخارجي والجوسسة المضادة، أن محمد خيذر قاد هؤلاء المناضلين إلى مقر جمعية العلماء المسلمين بالقاهرة، حيث “وعظهم الشيخ البشير الإبراهيمي من أجل إثارة حماستهم الوطنية، وأعلن أنه لا يستطيع تعيين إلا ثمانية طلبة لهذا التربص التدريبي”. وقدم التقرير الأمني الفرنسي خمسة أسماء من هؤلاء الطلبة فقط تم التعرف عليهم، من بينهم محمد بوخروبة (هواري بومدين).وجاء في مقدمة الكتاب التي وضعها الأستاذ صادق سلام أن مصالح الاستخبار الفرنسية تابعت كل تنقلات وحركات واتصالات الشيخ البشير الإبراهيمي في المشرق، إدراكا منها أن رئيس جمعية العلماء المسلمين الذي خلف الشيخ عبد الحميد بن باديس لم يتنقل إلى المشرق من أجل تقديم المنح لعشرات الطلبة الجزائريين المسجلين في جامعات الدول العربية، كما روج له، بل من أجل “تحسيس المشرق بقضية الشعب الجزائري”. ويكشف الأستاذ سلام أن مصلحة التوثيق الخارجي والجوسسة المضادة تعاونت مع مصلحة أمنية أخرى بغرض تتبع آثار الشيخ الإبراهيمي، إلى درجة أن الأجهزة الفرنسية “شكت في تواطؤ مسؤولي الجمعية مع جيش التحرير الوطني. ومن بين الأحداث التي تشير إلى علاقة الجمعية بالثورة، أورد صادق سلام في تقديمه الرسالة التي اعترضتها المصالح الفرنسية في بداية 1955، موجهة من الزيتونة بتونس إلى مسؤولي معهد ابن باديس من طرف الشيخ عبد الرحمن شيبان والتي تطلب منهم إرسال كل طالب مكتمل البنية الجسدية ويستطيع التكوين عسكريا، هذه الرسالة لم تترك أي شك حول موقف العلماء من الثورة.كما تؤكد التصريحات التي تمت في رمضان سنة 1955 بالمسجد الكبير في قسنطينة، حسب الأستاذ سلام، وبصوت عال ما كان سريا. كما تمكنت الأجهزة الاستخباراتية الفرنسية في العام نفسه (1955) من التعرف على محتوى رسالة البشير الإبراهيمي إلى الأمين العام لجمعية العلماء، أحمد توفيق المدني، من أجل توجيه كل الأموال التي جمعتها الجمعية إلى جيش التحرير الوطني، واعدا إياه بميزانية عمل تقتطع من مساعدة ممنوحة من بلد عربي.وتكمن أهمية كتاب جاك كاري في كونه ضابطا معربا برتبة رائد، اطلع قبل تأليف كتابه على المعلومات السرية المدونة في وثائق المصالح المختصة. وكانت له خبرة كبيرة في دراسة الجمعية، ومعرفة أدق تفاصيل نشاطاتها، وعين سنة 1959 على رأس “شعبة السياسة الإسلامية” التي أعيد ربطها بمديرية “الشؤون السياسية” للمفوضية العامة في الجزائر خلال فترة “بول دولوفريي”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات