38serv

+ -

“فتح مكاتب الصرف مرهون بضمان وفرة العرض من العملة الصعبة”، هو التبرير الذي علّل به محافظ بنك الجزائر، محمد لكصاسي، تأخر الجزائر في ترسيم هذا النوع من المعاملات، لتتحوّل إلى آخر الدول إفريقيا التي لا تزال تُسيّر معاملات الصرف فيها على أسس “فوضى” السوق الموازية، وتتحكم في بورصتها بارونات نافذة تختبئ وراء الشباب الملوحين بكل أنواع الـ “دوفيز” في ساحة “السكوار” على مرأى من السلطات العمومية.

لكصاسي في رده على أسئلة نواب المجلس الشعبي الوطني، قبل بضعة أيام، حول هذه القضية التي تتواصل حتى أضحت من أهم “الديكورات” التي تميز العاصمة، لم يجد سوى “الاختباء” وراء عدم توفر العرض من العملة الصعبة لضمان نشاط مكاتب الصرف الرسمية، بينما بإمكان أي كان شراء من واحد أورو إلى مليون أورو في لحظات معدودة ودون أي وثيقة في ساحة بور سعيد. كما تستقطب هذه السوق الجميع، بدءا بالمواطنين العاديين، وصولا إلى المسؤولين السامين والوزراء كذلك.واعترف المسؤول الأول على البنك المركزي، بالموازاة مع ذلك، بأنّ القانون موجود وساري المفعول منذ سنة 1995، وهو يحمل رقم 95/08 المتعلق بمراقبة الصرف، والمحدد لشروط إنشاء وتسيير وتنظيم مكاتب الصرف. فيما لم تتجاوز هذه الأخيرة مرحلة الإطار القانوني الذي وُضع لها قبل 21 سنة، لتفتح المجال للاقتصاد الموازي المسيطر على سوق العملة الصعبة، لاسيما في ظل ضعف المنحة السياحية وحق الصرف، بحكم أنّ 120 أورو الممنوحة سنويا، تبقى متواضعة جدا بالمقارنة مع الدول الجارة، بغض النظر عن بقية دول العالم.وأرجع لكصاسي، أيضا، الوضعية الحالية إلى ضعف النشاط السياحي في الجزائر، وهو ما يجعل العرض من العملة الصعبة ـ على حد قوله ـ غير قادر على تغطية الطلب. في حين ذكر في سياق التعليل كذلك، تواضع هامش الربح المقرر قانونا لفائدة مكاتب الصرف، على اعتبار أنّ القانون يحدده بـ1 في المائة، وأوضح بأنّ هذه الأسباب أدت إلى عدم وجود نشاط رسمي لسوق الصرف، على الرغم من أنّ الجهات الوصية منحت منذ صدور القانون ودخوله حيز التنفيذ، 46 اعتمادا لمزاولة النشاط. بينما أدى الفراغ إلى بروز سوق سوداء تتحكم في “بارومتر” تغيير العملات، وتدفع قيمة العملة الوطنية نحو الأسفل، لتجر معها الاقتصاد الوطني والقدرة الشرائية للمواطنين.تواصل الأسباب المذكورة من قبل المسؤول الأول على بنك الجزائر، ينبئ بأنّ فتح مكاتب الصرف الرسمية في القريب العاجل غير ممكن، بالرغم من أنّ لكصاسي قال إنّ مجلس النقد والقرض أصدر، في مارس المنقضي، نظاما جديدا يحدد بوضوح صفة مكاتب الصرف وطريقة عملها، من دون ذكر أسباب أخرى، كما هو الشأن بالنسبة للأطراف النافذة التي تقف وراء السوق الموازية، التي ليس من مصلحتها ترسيم سوق الصرف.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات