38serv
صنعت المباراة المحلية العاصمية بين مولودية واتحاد الجزائر الحدث رياضيا وإعلاميا، وسمح الموعد الكروي بين “الإخوة الأعداء” الذي يندرج مرتين، على الأقل، كل موسم في خانة “مباراة السنة” التي تجعل من “الكلاسيكو” الواجهة الوحيدة التي يُمكن للجزائر أن تُسوّقها للخارج، لتلميع صورتها كرويا، ومحو آثار موسم كامل مُثقل بالفضائح. مباراة العميد والاتحاد حفظ ماء وجه الكرة الجزائرية، وسمحت الرزنامة التي اقترحت موعد الإياب منه بين الفريقين في الأنفاس الأخيرة من البطولة، لجعل الجماهير العربية خاصة أن تأخذ فكرة أفضل عن واقع إجراء المباريات الكروية بالجزائر، سواء أتعلّق الأمر بالملعب الكبير الذي يضاهي كبار الملاعب في العالم، أو الأرضية التي أصبح اليوم عشبها شبيها بعشب الملاعب الأوروبية، أو حتى الإقبال الجماهيري واللوحات الفنية الرائعة لمختلف الرايات التي عُلّقت على مدرّجات ملعب 5 جويلية 1962 الأولمبي، وغطّى “التيفو” منها أغلب جوانبها، بشكل جعلها المشهد الجميل للألوان ونتذكّر ملاعب أوروبا وأمريكا اللاّتينية.وعدا بعض الأخطاء التحكيمية للمباراة وتحمّل مسؤوليتها الحكم الفدرالي فاروق ميال ومساعدوه، فإن تسويق الجوانب السلبية للمواعيد الكروية التي تخص النوادي الجزائرية، لم يظهر لها أثر هذه المرة، وسمح أبناء “باب الوادي” و”سوسطارة”، أهم معاقل محبي العميد والاتحاد، من خلال استثمارهم في الصرح الكبير للملعب الأولمبي، واستغلال شساعته وجماله لمضاهاة نظرائهم من المناصرين في كبار الملاعب العالمية، للارتقاء بالمناصر الجزائري إلى العالمية، من خلال الرايات العملاقة الهادفة والحافظة لتاريخ وذاكرة كل الفرق الكروية.وحرص أنصار المولودية والاتحاد، وهم يستقبلون عدسات الكاميرات الناقلة لأهم موعد كروي في الجزائر إلى كل العالم، على “اقتلاع” المظاهر السلبية التي طبعت نقل مباريات البطولة الجزائرية، ولم يجد “هاجس” العنف في الملاعب مكانا في ملعب يتسع لنحو 80 ألف متفرّج، كون المباراة، على الرغم من أهميتها وحساسيتها، لم تشذ عن القاعدة، وتنقل المناصرون من الجانبين إلى الملعب وغادروه دون تسجيل أي تجاوزات تُذكر، ما ضمن نجاح “الداربي” الجزائري بكل المقاييس، وهو النجاح الذي فوّت على العالم لأن يتفرّج علينا ونحن نتراشق بالحجارة والمقذوفات، ونرشق أرضية ميادين لملاعب تتهاوى بمناصريها، بالكراسي ونتراشق أيضا باتهامات الرشوة، لنمنع الفرجة الكروية الحقيقية والفرجة الجميلة في المدرّجات لأن تكون البضاعة التي نسوّقها لكل العالم.وحتى وإن كانت حساسية المباراة نالت من أعصاب اللاّعبين دون الأنصار، إلاّ أن عناصر المولودية والاتحاد عوّضت لحظات التهوّر والاندفاع المبالغ فيه بالفرجة والأهداف والإثارة إلى غاية النهاية، وهو المشهد الكروي الذي غطّى أيضا على بعض الأخطاء التحكيمية التي تساهم في خروج اللاّعبين عن قواعد الانضباط، كون التعادل الإيجابي، في النهاية، كان علامة انتصار لكل فريق.الكرة الجزائرية التي اختزلت صورتها في “كلاسيكو” واحد، وحرصت على توفير كل أسباب إنجاحه تنظيميا، وساهم في تلميع هذه الصورة أنصار المولودية والاتحاد المنتمون إلى أحياء واحدة وعائلات واحدة أيضا، لا يمكنها أن تتغافل لمواسم أخرى عن مكمن الخلل وعن أسباب التصاق كل المساوئ المقترنة بلعبة كرة القدم بالجزائر فقط.فالملاعب الكبيرة، أو على الأقل الملاعب التي تستجيب للمقاييس، والتنظيم الجيد للموعد الكروي، وغرس ثقافة احترام أخلاقيات اللّعبة بين اللاّعبين والمناصرين، والإقتداء بما يُسوّقه المناصرون في كل ملاعب العالم من صور جميلة في المدرّجات، والأداء الراقي للاّعبين والإدارة الجيدة للمباراة من الحكّام وتفادي الاحتجاج والتهوّر والشغب بكل أشكاله، هي النقاط التي يجب أن يتضمّنها “دفتر أعباء” الكرة الجميلة في الجزائر، حتى نشرع فعلا في التقدّم خطوات إلى الأمام لانتشال اللّعبة الأكثر شعبية من الهوان.طي صفحة “الكلاسيكو” الذي حفظ ماء كرة القدم الجزائرية ولمّع صورتها، ولو إلى حين، دون الاستثمار في مكاسب الموعد الكروي الكبير، سيُعيد الموسم المقبل صورة الجزائر التعيسة كرويا، ويؤكّد للعالم بأسره بأننا عديمو الرغبة في التعلّم وفاقدون للإرادة على التغيّر نحو الأفضل.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات