"حيل شيطانية"لمهربي المخدرات دوخت الأمن

38serv

+ -

فكّر ابن حي باب الوادي بالعاصمة، مليّا في أسلوب يمكّنه من تمرير كمية مخدرات من وهران إلى العاصمة دون أن يقع في قبضة رجال الأمن، فخطرت بذهنه فكرة توظيف زوجته الحامل لتمويه العملية، وشرع في حبك سيناريو محكم، مقترحا على شريكة حياته اصطحابه في زيارة إلى عاصمة الغرب .. تفاجأت بالقرار في البدء، لكنها رحّبت به كونه ينتشلها من روتين المنزل.كل شيء جاهز .. السيارة جاهزة وكذلك السلعة، أما الزوجة فمستعدة وهي لا تدري أنها عنصر أساسي في تهريب كمية مخدرات لتجنّب أعين الأمن، ولم يبق للزوج سوى ضبط موعد الانطلاق وتحديد مكان الصفقة لتبدأ المغامرة ..وصل الزوج إلى وهران مغمورا بأمل كبير في نجاح مهمته، لكنه ممزوج بخوف يسري في نفسه من احتمال وقوعه في المصيدة، وما إن استلم سلعته من مصدره، لفّها في كيس ودسّها بين الألبسة داخل الحقائب المرمية في الصندوق الخلفي للسيارة.الزوجة.. أداة الجريمةسرد المحامي، طارق مراح، تفاصيل القصة “خرج الزوج من الباهية وهران محمّلا بالمخدرات ومنتشيا بعدما تجاوز عدة ولايات، معتقدا أنه نجح في المهمة، وواصل مسعاه إلى أن شارف العاصمة خائضا الامتحان الأخير.. فالزوجة بجانبه وعلامات الحمل بادية عليها، أما هو فبدا مرتبكا وتغزو محياه تقاسيم الخوف ويطغى عليه لون داكن، وما إن وصل الحاجز الثابت بمدخل دائرة بئرمراد رايس، تفاجأ بالشرطي يرفع يده ملّوحا بركن السيارة يمينا. باشر الشرطي عملية تفتيش روتينية، وخلالها لاحظ أن حركات المتهم تعكس ارتباكا دفينا في نفسيته، مما دفعه إلى تكثيف التفتيش والتوجه إلى صندوق السيارة، وبعد لحظات ارتآى الشرطي ضرورة “النبش” في الحقائب ليعثر على كيس مخدرات ملفوف ومدسوس بين الملابس، لتكون بذلك نهاية السيناريو وبداية الإجراءات القضائية.توبع المتهم قضائيا العام الماضي، وسلّطت محكمة بئر مراد رايس عليه عقوبة 10 سنوات نافذة، فيما برّأت ساحة زوجته واعتبرتها غير مشاركة في الجريمة.وبغرب البلاد دائما، اهتدى شاب آخر إلى فكرة فريدة من نوعها لتمرير كمية معتبرة من المخدرات على الحواجز الأمنية، حيث حبك السيناريو بدقة، فاشترى سيارة مستعملة وتنقّل بها إلى ولاية بغرب الجزائر واشترى كمية مخدرات. واهتدى المعني إلى تعمّد صدم السيارة، لتبدو أنها تعرضت لحادث مروري، ولم تعد صالحة للسير ويتوجّب رفعها على ظهر شاحنة. ملأ صاحبنا السيارة بصفائح المخدرات، واتفق مع صاحب شاحنة لنقل المركبة إلى إحدى الولايات الشرقية أين يقطن، متظاهرا بالحسرة على ما جرى لسيارته، ليبدّد شكوك صاحب الشاحنة وليتجاوز كذلك الحواجز الأمنية والعودة بها إلى حيث يقطن في ولاية شرق البلاد، عابرا قرابة ألف كيلومتر متحدثا مع صاحب الشاحنة.في محيط الشرطةوردت معلومات لجهاز الدرك بسوق أهراس، تفيد بوجود عصابة هيمنت على تجارة المخدرات بإحدى دوائر الولاية، واكتسب أفرادها قدرة هائلة في التنقل، ولم تنجح الأجهزة الأمنية في اصطيادها.قال المحامي “ع. زبير” متحدّثا عن القضية “بعد طول تفكير، ارتأت المصالح الأمنية ضرورة الاتصال بوكيل الجمهورية ليمنحهم تسخيرة باستعمال تقنية التسرب، كما يخوّل لهم قانون العقوبات حتى يتمكنوا من تفكيك العصابة وفك طلاسمها، خاصة وأنها باتت مستعصية بالطرق التقليدية.وافق وكيل الجمهورية على الفكرة، وسمح لجهاز الدرك أن “يزرع” أحد عناصره الذين يتمتعون بمؤهلات مهنية جيدة لاختراق الجماعة الإجرامية، من خلال التظاهر بأنه زبون جديد، ثم الإعلان عن رغبة في الانخراط معهم في النشاط تمهيدا لتفكيكها والتعرف على هوية العقل المدبّر.تم تعيين دركي لتولي المهمة، شريطة بقائه على اتصال مع المحققين لنقل أدق تفاصيل العصابة وطبيعة نشاطها، فاكتشف بعد مدة أنها اعتمدت في تخزين المواد المخدّرة على الأماكن العمومية التي لا تثير اهتمام المواطنين ولا تكون في الغالب تحت مجهر أعوان الأمن، مثل الحدائق والغابات الواقعة بحواف المدينة،  يتم تسميتها بأسماء مشفّرة لتفادي السقوط في قبضة المصالح الأمنية. شرع الدركي في تنفيذ مهمته بتقمّص دور شخص مدمن على المخدرات، ويرغب في شراء كمية معتبرة، وبدأ يكثّف الاتصال تدريجيا معهم قصد تمهيد الطريق وإنشاء ألفة معهم، مبديا رغبة في إمكانية ممارسة النشاط معهم، ساعيا إلى ربح ثقتهم حتى يتوغّل في عمقهم ويتعرف على العقل المدبّر ليتم القبض عليه وشركائه.البيع بالتقسيططوّر أحد تجار المخدرات بمدينة عين عبيد بقسنطينة، أفكاره الإجرامية ليتفادى ملاحقات الشرطة خلال ممارسته نشاط المتاجرة بالمخدرات، بتحويل الفضاءات العامة إلى أماكن تخزّن فيها السموم.حاول المشتبه به تجسيد أفكاره على الواقع، لكن الأمور جرت عكس توقعاته، كما قالت الأستاذة كريكو كوثر من مجلس قضاء قسنطينة، وألقت عليه الشرطة القبض وشركائه متلبسين بإخفاء 80 كيلوغراما في إحدى زوايا الحديقة العمومية، وتقديمهم بتهمة المتاجرة في المخدرات وقضيتهم لا زالت أمام محكمة قسنطينة.خرائط إلكترونيةنالت إحدى قضايا المخدرات بولاية وهران، شهرة واسعة سنة 2008، وعرفت بـ“عبد القادر شهدا”   و”وهران بيلار”، لضخامة الكمية الممررة وطبيعة الحيل التي استعملها مهرّبوها بما فيها وسائل تكنولوجية حديثة كالخرائط الالكترونية لمعرفة المسالك التي تجنّبهم الحواجز. فالمهرّبون خاضوا “مغامرتهم” في الجبال والمسالك الوعرة قبل أن يسقطوا في قبضة المصالح الأمنية التي تعقّبتهم، وهم ينقلون قرابة 3 قناطير من الكيف من مغنية إلى وهران على متن شاحنة لنقل الخضر والفواكه. وذكر المحامي نايت صالح بلقاسم من مجلس قضاء وهران، الذي رافع في القضية لـ“الخبر”، أن المتهمين استعانوا بتقنيات وبرمجيات إلكترونية حديثة مثل “غوغل مابس” وجهاز تحديد المواقع “جي.بي.أس”، حتى يتعرفون على المسالك المختصرة التي تمكّنهم من تجنّب الحواجز الأمنية الثابتة. حاول المهربون تجنّب الكمائن المنصّبة من قبل رجال الأمن والدرك، بإرسال شخص يسبق الأفراد المكلفين بنقل المخدرات بحوالي كيلومتر أو اثنين، ويبلّغهم بالهاتف النقال عن تحركات رجال الأمن وأماكن نصب حواجزهم، وكذلك نقاط التفتيش الفجائية في الطرق البلدية المعزولة.حتى في المزابلاهتدى مجموعة شباب بولاية خنشلة، يمارسون نشاط المتاجرة في المخدرات، إلى استعمال حيل جديدة للتخلص من متابعات الشرطة، من خلال استعمال أكياس القمامة وأماكن رميها كمخبإ للمخدرات أو قناة لنقلها بين الأحياء حتى تسهل عليهم عملية تسويقها وتفادي الإيقاع بهم متلبسين.ذكر المحامي رمزي خشاب متحدثا لـ“الخبر”، أن المتهمين فيها نفّذوا خطتهم في نقل سمومهم بوضعها في أكياس القمامة، ثم رميها في مكان مدروس وفي توقيت مضبوط قبل مرور شاحنة عمال النظافة.وفي غمرة تنفيذ مخطط مكافحة المخدرات الذي باشرته مصالح الأمن، يتابع المتحدث، وردت معلومات تفيد بوجود مجموعة شباب طوّروا طرقا لتخزين المخدرات تمهيدا لترويجها في الأحياء، مما حرّك رجال الأمن وشرعوا في تعقّب بعض المشتبه بهم ورصد تحركاتهم في أطراف الأحياء المنعزلة، ثم نصبوا لهم كمائن سقط فيها 3 أشخاص، حوّلوا إلى الأجهزة القضائية التي تابعت اثنين منهم بالمتاجرة وعوقبا  بعامين حبسا نافذا، وثالثهم بالحيازة والاستهلاك، وسلّطت عليه عقوبة عام موقوف التنفيذ.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات