38serv
أوقع محتال برتبة “عقيد برئاسة الجمهورية”، بالعشرات من الضحايا بالجزائر العاصمة وتيبازة والبليدة، أوهمهم بالحصول على أجهزة استقبال “بــــي أن سبورت” وسيارات مستعملة مقابل مبالغ مالية تتراوح ما بين 20 و35 مليون سنتيم، وسلّمهم وثائق زعم أنها تابعة لمصلحة الوسائل العامة والحظيرة التابعة لرئاسة الجمهورية. أربعيني، أسمر البشرة، طويل وحامل لنظارات شمسية، يقود سيارة ألمانية تحمل ترقيما مشابها للوحات السيارات الرسمية. هي أوصاف قدّمها بعض الضحايا لـ”الخبر” عن بطل العملية الاحتيالية الخطيرة التي طالت موظفين في قطاع التعليم والرياضة وتجار ينشطون بتيبازة والبليدة خلال الأشهر الثلاث الماضية.قال عبد المومن، موظف في قطاع التربية بولاية الجزائر، بأن تاريخ الإيقاع به من طرف المحتال كان شهر فيفري 2016 حينما تلقى اتصالا هاتفيا من أحد أقاربه، الذي شدّد عليه بالمجيء إلى بلدية سطاوالي من أجل الإلقاء بأحد الأشخاص، وحينما استفسر محدثنا عن هوية الشخص، بادر قريبه بطمأنته والإلحاح عليه بالتعجيل في الوصول قبل فوات الأوان لأن الأمر، كما قال محدثنا، يتعلق “بفرصة العمر وهي السيارة التي طالما كانت حلما له بعد مسار مهني جاوز الـ 13 سنة”.يؤكد عبد المومن بأنه تنقّل إلى قلب المدينة، فوجد قريبه ينتظره على حافة الطريق المؤدي نحو حي البريجة، كان جالسا بمحاذاة شخص يرتدي بذلة أنيقة سوداء اللون، فبادر بتقديم نفسه بانتحال صفة ضابط سام في جهاز الأمن الرئاسي قائلا: “معك يزيد عقيد في رئاسة الجمهورية، سأجعلك تسير بسيارة فاخرة لم تكن تحلم بركوبها وبمبلغ أقل من قيمة سيارة ماروتي”. مضيفا “هناك العشرات من السيارات المستعملة ذات الصنع الألماني والأوروبي سوف تباع في المزاد العلني، ويومها سأمكنكما من حيازة العلامة التي تناسبكما”، يفيد نفس الضحية.كان عبد الــمومن برفقة زميله حفيظ، هذا الأخير واصل الرواية بقوله “التقينا مرة أخرى مع العقيد الرئاسي فقال لنا بأن “الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قرر التنازل عن الحظيرة المستعملة وأمرنا ببيع السيارات إلى الموظفين ذوي الدخل المتوسط”. وقبل مغادرته، حسب رواية محدثنا “أخرج العقيد يزيد حقيبة فاخرة من الصندوق الخلفي للسيارة ومنحنا وثائق عبارة عن استمارة معلومات، تحمل أختاما تابعة لمصالح الرئاسة ومدوّن في أعلاها الشعار الرسمي لمؤسسة الرئاسة”.يواصل محدّثينا قولهما بأن الضابط المزعوم، طلب منهما “توسيع الاتصالات مع أقاربهما الموظفين وأصحاب المهن الحرة، لتمكينهم من الحصول على أكبر عدد ممكن من السيارات”، وحينما التقيا به في المرة الثالثة يروي عبد المومن: “أمرنا بتدوين بياناتنا الشخصية على وثائق بدت لنا سليمة، ثم انصرف تاركا لنا قائمة المركبات المتوفرة والمبالغ المحددة لها، وضرب لنا موعدا باللقاء بعد يومين شريطة إحضارنا المبالغ المتفق عليها لكل سيارة”. سارع محدثنا بمعية صديقه بملء الأوراق، والتقيا به بعدها، أين سلما له مبلغين متفاوتين تقدّر قيمتهما الإجمالية بـ 45 مليون، وبعدها قاما بتوسيع دائرة المهتمين من الأقارب وزملاء المهنة وربطوا بينهم وبين العقيد اتصالات بخصوص استلام تلك المركبات، يستوقفنا حفيظ بقوله “ترددت في منحه المبلغ وطلبت منه إرشادي للمصلحة الرسمية من أجل الدفع والحصول على وصل إيداع، لكنه ضخّم لي الإجراءات إلى أن طلبت منه توليّ الأمر بنفسه دون انتظار الإعلان الرسمي وتنظيم عملية البيع العلني”.بمرور ثلاثة أسابيع، حل الموعد المحدد، فقام الوسيط الرئيسي بالاتصال بـ “المسؤول الرئاسي” قصد تسريع إجراءات تسليم السيارات الموعودة، فقام هذا الأخير بتحديد موعد ثاني لجميع المسجلين في العملية، ثم اتصل بجميع “زبائنه” طالبا منهم إحضار أجهزة استقبال رقمية عادية، مغريا إياهم “بالاستفادة من هدية مجانية زعم أنه سيضمّنها لهم نظير ثقتهم به”، ولم تمض سوى ثلاثة أيام حتى أعاد لهم أجهزتهم مزوّدة بجميع القنوات الرياضية وطلب منهم التريث لاستكمال الإجراءات” واعترف محدثنا “ع” بأن الضابط المزعوم كان بارعا في التمويه والإقناع، بدليل تمكّنه من الاستيلاء على مئات الملايين بتلك الطريقة التي تبيّن أنها مخادعة، وأن السيارات وهمية، ليختم عبد المومن قوله بأن العقيد يزيد احتال أيضا على صاحب محل للأجهزة الرقمية بالعاصمة، حيث أوهمه بأنه مموّن الثكنات بهذه الأجهزة، فمنحه بطاقة تعبئة صالحة لمئات الأجهزة مقابل وصولات طلب ثبت بأنها مزورة.وتشير معلومات توفرت لدى” الخبر”، بأن مصالح الشرطة القضائية للجزائر العاصمة والولايات المجاورة، باشرت تحرياتها بخصوص مكان تواجد هذا الشخص، بعد اقترابها من تحديد هويته والتعرف على الترقيم الرسمي للمركبة التي كان يتنقّل بها.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات