38serv
حفاوة كبيرة حظي بها المخرج البرازيلي “كليبر ميندونزا فيلهو” وفريق فيلمه “أكواريوس” المشارك في المسابقة الرسمية لفئة الأفلام الطويلة لمهرجان “كان” السينمائي، حيث وجّهوا رسالة سياسية قوية على البساط الأحمر وداخل قاعة سينما المسرح الكبير لمهرجان “كان” السينمائي.وقف المنسق العام للمهرجان “تيري فريمو”، في انتظار دخول نجوم البرازيل، وكان مشحون بمشاهد الإثارة يتفقّد بين الحين والآخر المقاعد المخصصة للممثلين المشاركين في الفيلم، كانت الملامح مشدودة بقوة إلى حدث ما داخل المسرح الكبير في تلك الأمسية، حتى الإجراءات الأمنية كانت تنبض بقلب متسارع كأن شيئا ما أو طبخة تعدّ لهذا العرض البرازيلي. مرت دقائق قليلة، ليكشف فريق فيلم “أكواريوس” عن المفاجأة وينطلق عرض الفيلم. وقد رفع الجميع أوراقا كبيرة قبل أن تطفئ الأضواء، كتب عليها عبارات تنتقد الوضع السياسي في البرازيل، وتشدّ الانتباه ورقة كبيرة كتبت عليها عبارة “لقد ماتت الديمقراطية في البرازيل”، يحدث كل هذا وسط تصفيقات حارة داخل القاعة وخارجها.كانت المفاجأة، أمس الأول، قبل أيام قليلة من إسدال ستار مهرجان “كان”، برازيلية بامتياز، بعد أن قام المخرج “كليبر ميندونزا فيلهو” رفقة فريق الفيلم، برفع لافتات احتجاج تندد بإقالة ديلما روسيف وبتدهور الديمقراطية بالبلاد، المشهد الذي اعتادت سجادة المهرجان الأكبر في العالم على رسمه بين الحين والآخر، صفّق لها الجميع بقوة وأعاد التأكيد على أن السياسة والفن وجهان لعملة واحدة، ليس فقط من خلال المواضيع التي تقترحها الأفلام، ولكن من خلال الرسائل المباشرة وغير المباشرة.هكذا، بدا مشهد البساط الأحمر منتشيا بروح السياسة، حيث تحوّل اليوم السابع لمهرجان “كان” إلى حدث سياسي، بما يشبه المظاهرة التي تنتفض لنصرة الرئيسة البرازيلية “ديلما روسيف” التي قام مجلس الشيوخ البرازيلي بعزلها. وسط هذا المشهد الذي سبق عرض فيلم “أكواريوس”، كان من الطبيعي أن نتابع حكاية “كلارا” برؤية سياسية ونفتش بين المشهد والآخر عن الرسائل التي يريد الفيلم توجهيها من دولة البرازيل المتخمة بحكايات الفساد المالي وقصص الدعارة والجنس.وعادت المشاركة البرازيلية إلى المنافسة على “السعفة الذهبية” بعد أربع سنوات من الغياب، آخرها سنة 2012 شارك الفيلم الطويل “في الطريق” للمخرج البرازيلي “والتر سالس”، من خلال رؤية جديدة، بها الكثير من ملامح الحنين إلى الماضي والتحدي، عبر قصة “كلارا” (جسدت دورها الممثلة البرازيلية الشهيرة سونيا براغا) سيدة في العقد الستين تواصل حياتها بذكريات الماضي في مبنى تحت اسم “أكواريوس” المكان الذي يجمع ثلاث حكايات حول حياة السيدة “كلارا” التي تعيش في بيتها منذ أربعينيات القرن الماضي، وترفض بيعه إلى أحد المستثمرين. قد تبدو القصة عادية وروتينية وهي تتسلل إلى تفاصيل حياة المرأة وهي تستقبل تجاعيد التسعينيات وتقدم السن، وتبدو كذلك، وإن كان مفتاح السر في عنوان الفيلم الذي اختاره المخرج لاسم المبنى وليس لاسم البطلة، وكان لا بد أن نفهم لماذا جاء العنوان “أكواريوس” وليس”كلارا”. لا يزال هذا المبنى القديم جميل من الداخل ويحمل أمتع الذكريات، البناية التي تعيش فيها كلارا، والتي أفنت حياتها في خدمة الموسيقى، التي تتحول فيما بعد إلى الأنيس الوحيد داخل البيت بعد أن غادر الأبناء، ولكن المخرج لم يرهن حكاية كلارا في ملامحها التي تبدو متعبة من الزمن، ولكنه أصر على منحها جمالا وبريقا خاصا، وأضاف لها أنوثة لا تقاوم، حيث اختار بوابة الموسيقى والجنس وأمواج البحر لرسم ملامح أبهى لسيدة فوق الستين، وإن كانت مشاهد الجنس قد تبدو مقحمة بغير مبرر، لكنها تشد الحكاية وتربط تفاصيل الذكريات، تماما كما تسحب الصنارة السمكة –شد وإرخاء- فقد مضى الفيلم في تفكيك غرائز ومشاعر وإحساس المرأة فوق الستين بدقة كبيرة لامتناهية.يضع الفيلم في مقابل ذلك، قضايا شركات العقارات والمتاجرة بالمباني في البرازيل بين أعين المشاهد كمحطة أخرى تفسّر عنوان الفيلم وترسم حجم الفاسد الذي تعيشه المدن البرازيلية، عندما تسقط هذه السيدة كلارا المحبة للحياة ضحية مرض السرطان بسبب جشع وطمع تجار العقار.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات