38serv
يسعى وزير الاتصال حميد ڤرين ومجموعة أشخاص موالين للسلطة، بشتى الطرق، إلى التأثير على تشكيلة القضاة الثلاثة الذين يمسكون بما يعرف بـ”قضية وزارة الاتصال مع الخبر”، في الاتجاه الذي يخدم المغالطات التي يسوقونها، وتدور حول “احتكار وسائل الإعلام من طرف رجل أعمال واحد”، تارة و”التحالف مع الجنرال توفيق لفرض رئيس جديد خلفا لبوتفليقة”، تارة أخرى.لما يذكر ڤرين (في المدرسة العليا للصحافة الأسبوع الماضي)، بأنه يعتقد أن صفقة بيع أسهم “الخبر” لشركة “ناس برود” غير شرعية المائة بالمائة، فهي محاولة واضحة ومقصودة للتأثير على المحكمة الإدارية ببئر مراد رايس بالعاصمة، التي ستفتح الملف اليوم من جديد. فالوزير هو أحد طرفي القضية وصاحب الدعوى المرفوعة في القضاء الاستعجالي، لإبطال الصفقة، وبالتالي لا يجوز له قانونيا ولا أخلاقيا الحكم على مدى مطابقة الصفقة للقانون، لأن ذلك من صميم مهام القضاة.ولما يقول ممثل الحكومة مكلفا بقطاع الاتصال، أنه سيستعمل ورقة المادة 17 من قانون الإعلام (طلب اعتماد جديد بحجة تغير مالك العنوان الإعلامي)، في حال لم يقتنع القضاء بالمادة 25 (منع شخص واحد من امتلاك أكثر من عنوان إعلامي)، كسند في الدعوى التي رفعتها الوزارة، فهو شكل من أشكال الابتزاز ولي الذراع والضغط على القضاة. لم يتوقف ڤرين عن تقديم الدروس في “الأخلاق” و”الفضيلة” و”ضبط النفس”، منذ تعيينه وزيرا قبل عامين، فكان الأولى أن يتحلى بفضيلة ضبط النفس وعدم استباق حكم القضاء.ولما يصرح سعداني (السبت الماضي في تبسة)، أن ربراب “مطالب بأن يختار بين السياسة والمال” وأنه “إذا اختار السياسية فسيخسر كل ماله”، يعد كلامه بمثابة توجيهات لقضاة المحكمة الإدارية مفاده: لو سيكون الحكم لمصلحة ربراب، فستفتحون الباب واسعا لشخص يريد بناء حلف كبير يجمع بين المال والإعلام، حتى يحقق مراده وهو خوض غمار رئاسيات 2019 أو يفرض أحدا يختاره”. ولما يقرن سعداني اســــــم الجنرال توفيق مع ربراب و”الوطن” و”الخــــــــبر”، فهو محاولة لشيطنة كل هؤلاء في مخيلة القضاة. في هـــــــذا الهوس والجنون الذي يستحــــــكم في عصبة الرئيس، يلاحظ أن نفس الأشخاص ونفس الأذرع الإعلامية التي هاجمت الجنرال توفيق، سلت خناجرها من جديد هذه الأيام لإقحامه عنوة في قضية “الخبر” ومن دون أي حجة يقدمونها. المهم بالنسبة إليهم، أن يتم ذكر اسم “الشيطان الأكبر” في ملف “الخبر” لإيهام كل من يتابعون الأزمة، بأن البعبع الذي قهره بوتفــــــليقة وأخـــــــــــرجه من الباب الضيق، يعود هذه الأيام من النافذة ليحــــــــــاول إزاحة الرئيس !كل السياسيين المنتمين لجماعة بوتفليقة ينادون بـ”ترك العدالة تأخذ مجراها” في هذه القضية، ولكنهم لا يترددون في توظيف التلفيق والبهتان، لضرب خصم صنعوه لأنفسهم من العدم، في محاولة لإضعافه، وهو شكل من أشكال الضغط على القضاء لاستصدار الحكم الذي يريدونه. ولا أحد ممن يرفعون شعار “اتركوا القاضي يعمل في هدوء وبعيدا عن الضغط”، شوهد يتعاطى مع القضية في إطار نقاش جاد من دون مهاترات وبعيدا عن الانفعال. هل وضع أحدهم مثلا صلاحيات وزير الاتصال تحت المجهر ليعرف المهتم بالقضية إن كان يجيز له القانون رفع الدعوى؟ هل تمت مناقشة أسباب تقصير الحكومة في إقامة سلطة ضبط الصحافة المكتوبة، المذكورة في 18 مادة في قانون الإعلام؟ هذه الآلية الإدارية المستقلة عن الحكومة، التي يقول ڤرين إنه لا حاجة إليها وأن السلطة التنفيذية تحل محلها إذا تطلب الأمر.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات