38serv

+ -

 عاد، أمس، الكاتب والصحفي الفرنسي بيار دوم، بمكتبة فنون وآداب بشارع ديدوش مراد بالعاصمة، خلال توقيع كتابه “الطابو الأخير.. الحركى”، ويتناول الحركى الذين بقوا في الجزائر بعد الاستقلال، مؤكدا أن الموضوع شائك وخاص على اعتبار أنه مجرد النطق في الجزائر بكلمة “حركي”، يترك سكوتا ولو لثانية واحدة، مشيرا إلى أن الكتاب يمثل دراسة تثقيفية علمية ليست للدفاع عن الحركى، لكنه يرى أن فئة الحركى أيضا تمثل جزءا من تاريخ الجزائر الاستعماري، يجب أن يحظى بالدراسة والاهتمام. كما أن دراسة تاريخ الثورة يستدعى دراسة كل الجوانب الخاصة بها، بما في ذلك فئة الحركى، يضيف بيار دوم، الذي قال إن هدفه من الكتاب هو تصحيح فكرة الواقفين ضد هذا المشروع الذي صدر بعد أكثر من 50 سنة من استقلال الجزائر، ونفى الفكرة السائدة لدى فئة الحركى والأقدام السوداء المتواجدين بفرنسا، من أن الحركى الذين لم يغادروا الجزائر بعد الاستقلال قتلتهم جبهة التحرير الوطني، ما يعني تعرضهم لمجزرة جماعية، وهذا الإصدار يبين بأن هذا الاعتقاد خاطئ، وأنه هناك آلاف الحركى بعد الاستقلال تمكنوا من الالتحاق بقراهم والعيش مع عائلاتهم.قال بيار دوم إن اهتمامه بالتاريخ الاستعماري لفرنسا يعود إلى عشر سنوات مضت، واستغرق في انجاز هذا الكتاب ثلاث سنوات... وهي مدة البحث والتحري عبر قرى ومداشر الجزائر في رحلة البحث عن كبار الحركى الذين مازالوا على قيد الحياة، مصرحا بأن رحلته التي جاب بها أقطار الجزائر وسار خلالها لأكثر من 20 ألف كيلومتر مستقلا مختلف وسائل النقل، استطاع من خلالها جمع شهادات لـ60 رجلا مسنا احتفظوا بسرهم طوال هذه المدة، ولم يصرحوا بها لأحد. واعتبر بيار دوم عمله بالجبار كون الحصول على شهادة من قبل حركي في الجزائر ليس سهلا، خصوصا وأن قضية الحركى ما تزال تصنف في خانة المحرمات أو “الطابوهات” قائلا: “لا يمكن الوصول إلى قرية والقول أنا أبحث عن الحركى، هل يمكن القول من فيكم حركي؟”. وصف دوم الوضعية بالجد معقدة، خاصة بالنسبة للاتصالات الأولية، لأن الحركي، حسب بيار دوم، يحتاج إلى تحسيسه بالأمان ليتمكن من الإدلاء بشهادته، وهو العمل الذي اعتبره بالصعب بالنسبة للصحفي أو الباحث الجزائري الذي سيلقى صعوبات في الحصول على هذه المعلومات السرية، ولم لا يقابلونه بالرفض مباشرة. كما اعتبر دوم استقاء المعلومة من هذه الفئة بالعمل الصعب، مصنفا ذلك في خانة الموهبة الصحفية، متسائلا في الوقت نفسه من ردة فعل الحركى تجاهه، وكيف ائتمنوه وأدلوا له بشهاداتهم، وتمكن من الحصول على معلومات غاية في السرية.تساءل بيار دوم عن إغفال شركات البحث الفرنسية والجزائرية عن تناول موضوع الحركى، بالرغم من أن مدة نصف قرن توحي بأن تاريخ الثورة الجزائرية حظي بالدراسة من كل الجوانب، لكن جوانب عدة لا تزال تحتاج إلى الدراسة وبتعمق كبير، يضيف دوم. وموضوع الحركى من بين المواضيع المحرمة لوقت طويل، وما زال يمثل المعاناة بعد أكثر من خمسين سنة مرت عن الماضي الاستعماري، الذي أنتج المعاناة التي نجدها تتواصل في المجتمع وتنتقل من مجتمع إلى آخر ومن جيل إلى آخر، مشيرا إلى أن تناول هذه المواضيع الشائكة يكون بكتابة التاريخ مهما كان، ويكون بذلك الوصول يوما ما إلى إيقاف دائرة المعاناة. وتأسف بيار دوم من التاريخ الاستعماري الذي أنتج عديد الطابوهات، منها ما تم العمل عليها مثل قضية مصالي الحاج التي كانت في وقت ما طابو، أصبحت اليوم أمرا عاديا، مؤكدا أن هناك عملا كبيرا حول الاستعمار الفرنسي في الجزائر ينتظر نفض الغبار عنه.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات