38serv
أخذ يتنقل بين رفوف المركز التجاري لباب الزوار المعروض فيها كل ما لذ وطاب من المأكولات، لا يمر أمام رف إلا ويتوقف متفحصا وهو يشتم رائحة مختلف المواد الغذائية، ومن دون أن يشعر وجد نفسه واقفا أمام القابض محملا بأكياس مملوءة بأنواع مأكولات يفوق ثمنها النقود التي كانت بحوزته.. يروي لنا الشاب نسيم وهو قابض يشتغل داخل المركز التجاري لباب الزوار ذلك المشهد المضحك الذي كان بطله زبون لم يستطع التحكم في رغباته وسال لعابه أمام كل رف، فوجد نفسه في ورطة أجبرته على التضحية ببعض السلع التي اشتراها، وبلهجة تهكمية قال نسيم: “عندما أقدم على دفع المبلغ المستحق، تفطن بأن ليس بحوزته نقود كثيرة، فلم يجد أمامه غير التنازل عن بعض المشتريات، إلا أن الأمر بدا له صعبا للغاية، وأخذ يستغني عن بعض السلع ومن ثم يتراجع عن قراراته ويعيدها ثم يغيرها بسلع أخرى.. وهكذا ظل مترددا لعدة دقائق حتى تساوى ثمن المأكولات التي اقتناها والنقود التي كانت معه، تاركا وراءه الزبائن الذين كانوا يشكلون طوابير طويلة ينتظرون وصول دورهم”.وفي مدينة بوفاريك التي يحج إليها آلاف المواطنين من جميع الولايات خلال شهر رمضان لاقتناء “الزلابية” و”الشاربات”، لم يجد الشاب كريم بائع اللحوم الحمراء بالسوق الواقع وسط المدينة الطريقة المثلى التي يتعامل بها مع أحد الزبائن الفضوليين. يقول محدثنا: “كان يفصلنا عن موعد الإفطار ساعة عندما دخل زبون إلى المحل طالبا مني أن أزن له ما قيمته 750 دينار جزائري من اللحم”، وتابع محدثنا مبتسما “وزنت له ما قيمته 780 دينار جزائري، فرفض الأمر وطلب مني الإنقاص من الكمية”.وبما أن الزبون ملك، لبى البائع رغبة زبونه وقام بإنقاص الكمية وبعد وزنها أبلغه بأن الثمن المطلوب دفعه مقدر بـ700 دينار جزائري “ففاجأني الزبون قائلا إنه يريد ما قيمته 750 دينار بالضبط! لا أكثر ولا أقل. فقلت له بأن الأمر يكاد أن يكون مستحيلا، أنت مقبل على شراء اللحم وليس سكرا أو فرينة..”، إلا أن الزبون ظل مصرا على اقتناء تلك الكمية بالضبط، فدخل الطرفان في معركة ملاسنات.. التاجر يرفض تقديم الكمية التي طلبها زبونه والزبون مصر على اقتناء ما يريد، ولولا تدخل الزبائن الذين كانوا داخل المحل لتعقدت الأمور وتحولت إلى معركة حامية الوطيس.لكن، يضيف محدثنا، بعد الإفطار يتغير مزاج ذلك الزبون تماما ويصبح أحسن كأنه شخص آخر.لكن “حمى رمضان” لا تصيب فقط الزبائن، بل حتى هم يستفزهم سلوك بعض التجار الذين يفتقدون لأبجديات التجارة، خصوصا في شهر رمضان، حيث يكثر الطلب على محلاتهم، وهو سيناريو عايشه السيد سمير مع أحد باعة “الزلابية” بمدينة بوفاريك.يقول سمير: “كنت أقتني منه الزلابية على مدار السنة وليس في شهر الصيام فقط، لكن مع حلول رمضان يزداد الطلب على سلعته، فيصبح طبعه سيئا وتغيب الابتسامة عن وجهه ويتغير مزاجه، بل الغريب في الأمر أصبح أحيانا يرفض بيعنا الزلابية بحجة أنها محجوزة لأصحابها (تجار الجملة)، أو يتركنا ننتظر مشكلين طوابير أمام مدخل المحل، بينما يُخرج السلع إلى أصحابها من الباب الخلفي”.وتابع محدثنا: “حاولت التغاضي عن سلوكه عدة مرات إلا أن للصبر حدودا، وفي الأخير قررت مقاطعة محله، رغم أن الزلابية التي يبيعها ذات جودة عالية”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات