38serv
أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نأكل بلا إسراف، قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إنهُ لاَ يُحِب الْمُسْرِفِينَ}. وروى أحمد والبخاري والنسائي والحاكم وابن ماجه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبِسُوا وَتَصَدقُوا في غير إسراف ولا مخيلة”. لذا من أسباب الهلاك الإسراف، قال تعالى: {ثُم صَدَقْنَاهُمْ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ}، والإسراف هو مجاوزة الحد في الشيء والوقوع في الخطأ والغفلة.❊ من المظاهر السلبية التي نشاهدها في رمضان الإسراف المشين في المأكل، حيث نشاهد أكواما من الأكل تُرمى في المزابل، فعلى المسلم تقدير النعمة وشكرها.ومن مظاهر الشكر الأكل بالمعروف والشرب بالمعروف، وهي من أسباب بقاء النعمة، قال تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِن عَذَابِي لَشَدِيدٌ}، وكما جاء في الحديث القدسي فيما يرويه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه جل جلاله يقول: “أهل ذكري أهل مجالستي، وأهل شكري أهل زيادتي..”.وقد حكى لنا القرآن الكريم حال الأقوام الذين تنكروا للنعم ولم يقدروها، قال الله سبحانه وتعالى: {وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا مِنْ كُل مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} أي أن صنيعهم من الإسراف وكفران النعمة أدى إلى زوالها. وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لله، وَمَنْ شَكَرَ فَإنمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ كَفَرَ فَإن اللهَ غَنِي حَمِيدٌ}.فعلى المسلم أن يتذكر النعم التي أغدقها الله عليه ويقابلها بالشكر، قال تعالى: {وَهُوَ الذِي أَنْشَأَ لَكُمْ السمْعَ وَاْلأَبْصَارَ وَاْلأَفْئِدَة قَلِيلاً مَا تَشْكُرُون}. بل إن تقدير النعم وشكر الله عز وجل عليها كمرتبة القائم الصابر، فقد روى الحافظ أبو عيسى الترمذي في جامعه قوله صلى الله عليه وسلم: “الطاعم الشاكر كالصائم الصابر” لأن الأعمال تتنوع وتتفاوت بحسب تأثيرها، فهذا الذي قدر النعمة وشكر الله عز وجل عليها ولم يُسرف فيها وتصدق ببعض ما عنده على الفقراء والمساكين فتح باب القُرب من الله عز وجل، لأن أقرب العباد إلى الله أحسنُهم لعياله، فمَا أحوجنا ونحن في هذا الشهر الكريم أن نتذكر الفقراء والمساكين واليتامى والأرامل والمحتاجين متأسين بقدوتنا وحبيبنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فيما روى البخاري في صحيحه: “كان أجود ما يكون في رمضان”. فرمضان شهر التكافل والمواساة والتصالح والإحسان، وكل ذلك مظهر من مظاهر الشكر، والشكر يدفع البلاء ويمنح العقاب، قال تعالى: {مَا يَفْعَل الله بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللهُ شَاكِرًا عَلِيمًا}، والصدقة تُطفئ غضب الرب كما ورد في الخبر: “صدقة السر تُطفئ غضب الرب”، بل إن البر نناله إذا أنفقنا مما نُحب، قال الله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا البِر حَتى تُنْفِقُوا مِما تُحِبون}.*إمام مسجد ابن باديس - الجزائر الوسطى
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات