38serv
“بين كل مقهى ومقهى يوجد مقهى”، مقولة اشتهر بها الجزائريون نظرا لإدمانهم على شرب القهوة، إلا أن الزائر لشوارع الجزائر اليوم وأحيائها الشعبية يقف على انتشار المحلات والطاولات التي تبيع الشاي الصحراوي ومختلف أنواع المكسرات، خصوصا خلال السهرة الرمضانية. “تختلف جودة الشاي من محل لآخر حسب طريقة تحضيره والمنطقة التي ينحدر منها الشخص الذي يحضره”، على حد قول الشاب سمير، أحد الذين لا يستغني بعد تناول وجبة فطور رمضان عن كوب شاي صحراوي ساخن.يقول سمير إنه يقطع يوميا الكيلومترات على متن سيارته للحصول على شاي تيميمون من أحد الباعة في عين البنيان بالعاصمة، رغم أن هناك من يبيع الشاي في الحي الذي يقطن فيه، وهناك وقفنا على الطوابير التي كانت مشكلة أمام مدخل ذلك المحل الصغير الذي يشتغل فيه الشاب الأسمر إدريس القادم من عمق الصحراء وبالضبط من مدينة تيميمون التي ذاع صيت شايها في العاصمة.وقفت عدة دقائق وراء عشرات الزبائن في الطابور أنتظر دوري للحصول على كوب من الشاي الساخن الذي سحر ذوقه الجمع، وأخذت أتابع تحركات إدريس الخفيفة في بهو ذلك المحل الصغير، وبطريقة سلسة وسريعة يحمل إبريق الشاي ويملأ الأكواب الموضوعة أمامه، ثم يتلفت وراءه بخطوات منتظمة باتجاه زبائنه ويقبض النقود بيمناه ويقدم الأكواب بيده اليسرى.. وهكذا من دون أن يتوقف يستمر في عمله حتى يخيَّل لك أنك أمام آلة تعمل من دون توقف.رائحة الشاي وهو يطبخ تعطر المكان، الديكور التقليدي الذي زينت به جدران المحل من زراب صحراوية تأخذك في رحلة إلى واحة من واحات الصحراء الجزائرية، وإدريس وعبد القادر ورفاقه ينشطون بداخله كالنحل في الخلية.يقول إدريس المنحدر من زاوية الديباغ بتيميمون إن “أبناء المنطقة ورثوا الحرفة أبا عن جد، بحكم أن الشاي يطهى في المنزل 3 مرات في اليوم، وفي كل جلسة يقدم الشاي ثلاث مرات أيضا..”. كان إدريس يتحدث معنا وفي الوقت نفسه يملأ قارورة ماء فارغة بالشاي طلبها أحد الزبائن المدمنين على الشاي. وبلهجة تهكمية، قال الزبون مخاطبا إدريس: “أصبحت أشك في الشاي الذي تبيعونه، وأظن أنكم تضعون مخدرا في الشاي الذي أصبح من المستحيل الاستغناء عنه خلال السهرة”.أما عن الكمية التي يشتريها يوميا والمقدرة بلتر ونصف، كشف الزبون أنه يستهلكها رفقة أصدقائه، وأضاف مبتسما: “لا ينطلق الدومينو من دون قارورة الشاي”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات