38serv
وقائع الحكّام المسلمين الدّالة على مدى تطبيقهم للعدالة مع الجميع أكثر من أن تُحصى وإنّما نكتفي بالتّذكير ببعضها على سبيل المثال: شكا يهودي عليّ بن أبي طالب إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضوان اللّه عليهم أجمعين، فلمّا مثلَا بين يديه، خاطب عمر اليهودي باسمه بينما خاطب عليًا بكنيته قائلًا: “يا أبا الحسن” على عادته في مخاطبته، فغضب عليّ، فعجب عمر لغضبه وقال: “أكرهتَ أن يكون خصمك يهوديًا وأن تمثّل معه أمام القضاء؟ فقال عليّ كرّم اللّه وجهه: “لا ولكنّي غضبتُ لأنّك لم تسو بيني وبينه، بل فضّلتني عليه إذ خاطبته باسمه بينما خاطبتني بكنيتي، وما كان لك أن تفضّلني عليه لأنّنا أمام الحقّ سواء”.
وذات يوم وجد الإمام عليّ كرّم اللّه وجهه درعه عند رجل يهودي وهو يومئذ أمير على المسلمين، فجاء به إلى شريح القاضي وقال: إنّها درعي ولم أبِعْها ولم أهبها أحدًا، فسأل شريح ذلك الرجل اليهودي: “ما تقول فيما يقول أمير المؤمنين؟”. قال اليهودي: “ما الدرع إلّا درعي، وما أمير المؤمنين عندي بكاذب”. فالتفت شريح إلى عليّ يسأله: “يا أمير المؤمنين هل من بيّنة؟ فضحك عليّ ورأى أنّ القضية تافهة فاستغنى عن درعه، وقال: “أصاب شريح، ما عندي بيّنة”. فما كان من شريح القاضي رضي اللّه عنه إلّا أن أمر بالدّرع لليهودي الّذي ادّعاها ملكًا له بحضور أمير المؤمنين عليّ، إلّا أنّ الرّجل لم يكد يأخذ الدرع ويمشي خطوات حتّى عاد يقول: “أمّا أنا فأشهد أنّ هذه أحكام أنبياء، أمير المؤمنين يدينني إلى قاضيه فيقضي عليه، أشهد أن لا إله إلّا اللّه وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، الدرع درعك يا أمير المؤمنين، اتبعت الجيش وأنت منطلق من صفين فخرجت من بعيرك الأورق”، فقال سيّدنا عليّ: أما إذ أسلمتَ فالدّرع لك”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات