38serv
أفاد محامو مجمع “الخبر” بأن انسحابهم من القضية التي رفعتها وزارة الاتصال لتجميد صفقة بيع أسهم المجمع إلى شركة “ناس برود”، يأتي انطلاقا من “قناعة تولدت لديهم بأن استمرارهم سيكون تزكية لمسرحية قضائية كان كل شيء فيها حاضرا إلا القانون !”. وعدد المحامون خروقات لا تحصى في القضية، تجعل من الحكم الصادر برأيهم “غير قانوني”. لأكثر من ساعة ونصف، تداول محامو مجمع “الخبر” الكلمة، في الندوة الصحفية التي عقدوها أمس، بمقر جريدة ليبرتي، لإعلان انسحابهم من القضية وشرح الأسباب والخلفيات التي دفعتهم لهذا القرار، بعد أن أصدرت الغرفة الاستعجالية بالمحكمة الإدارية قرارها بتجميد صفقة البيع في انتظار إبطالها خلال الفصل في دعوى الموضوع قبل 15 جويلية المقبل.وأوضح المحامي خالد برغل الذي كان أول من تدخل بنبرته الحماسية المعهودة، قائلا “هذا القرار ليس تهربا من المسؤولية وهو قرار مسؤول ومدروس، لنقول كفى من توظيف القضاء.. كفى من خرق القانون.. كفى من استغلال القضاء لتصفية الحسابات لأغراض سياسية.. نقول إن القضية سياسية بامتياز ولما تدخل السياسة للقضاء يخرج القانون منها”. سعداني وسلال أثرا على القاضيوتابع المحامي يسرد أسباب الانسحاب: “تولدت لدينا قناعة بأن بقاءنا هو تزكية للحكم الذي صدر بالتجميد والذي سيصدر بالإبطال في دعوى الموضوع.. لذلك فإن استمرارنا ليست له أي جدوى.. وهذا نابع من إيماننا بمهنتنا التي هي رسالة اجتماعية قبل أن تكون شيئا آخر”.وأضاف برغل أن الاحتجاج على هذا الحكم لا يعني بأي شكل من الأشكال التحدث بسوء عن القضاة الذين أصدروه، فنحن كما قال “لا نطلب منهم التضحية وهناك منظومة سياسية كاملة تحكم القضاء، فمن هو هذا القاضي الذي يفصل في قضية ضد رئيس الحكومة.. لا نطلب من القضاة أن يكونوا أبطالا”.واستند برغل فيما قال إلى تصريحات الأمين العام للأفالان عمار سعداني الذي تراجع عن تصريحاته الأولى التي اعتبر فيها القضية تجارية محضة، ليقول بعد أن تلقى الإيعاز أن شراء أسهم “الخبر” هو مشروع مخابراتي موجه ضد رئيس الجمهورية، ثم دعم الوزير الأول عبد المالك سلال لوزيره للاتصال الذي كان يغرق، ليعطيه الدعم الكافي لـ”تطهير القطاع”، وهي الرسالة التي فهمها القضاة جيدا، ولم يكن ممكنا لهم، وفق المحامي، أن يخالفوها. أدلة الانسحابولتدعيم موقف الانسحاب بالأدلة، غاص المحامي في ما اعتبرها خروقات قانونية شابت القضية والحكم، مستعرضا إياها بالتفصيل والترتيب الكرونولوجي قائلا: “وزارة الاتصال أخطأت الهدف والأطراف والالتماسات والطلب في هذه القضية، والمحكمة واكبتها وسمحت لها بتدارك الأخطاء خلال 3 جلسات خصصت لتصحيح الأخطاء.. كل ذلك خرقا للقانون، فالقضاء الاستعجالي لا يسمح بالتسوية أو الإعذار، لأن وزارة الاتصال (المدعي) يفترض أنها تعرف ماذا تريد من البداية”.ومنعرج القضية بحسب المحامي فداق عبد الكريم، أنه في يوم المرافعات يوم 25 ماي، توجه رئيس الجلسة إلى محامي وزير الاتصال بسؤال يقول فيه: “هل لديكم دليل كما تقولون في ادعاءاتكم أن ربراب يملك جريدتين، فكان الجواب من المحامي أن دليله هو تصريحات صحفية”، لينتهي فداق وزميله برغل إلى أن حكم القاضي الذي استند على هذا الجواب هو “حكم بدون دليل”. وما زاد في تأكيد الشكوك حسب المحامي برغل أنه في نفس اليوم تدخل محافظ الدولة ويتوجه إلى محامي وزارة الاتصال قائلا: أي طلب تختار؟ بين الإبطال والتجميد؟ بنبرة ساخرة والصحفيون الحاضرون سمعوا أنه التجميد وهو ما كان.مصداقية مؤسسات الدولةمن جانبها، قالت المحامية فطة سادات إن الحكم الصادر يطرح إشكالية مصداقية مؤسسات الدولة. وتحدثت حاملة في يدها الدستور الجزائري الذي ينص على استقلالية العدالة، لتتساءل في النهاية إن كنا سنبني بهذه القرارات دولة القانون التي يتحدث عنها مسؤولونا. واعتبرت المحامية أن “الجزائر أخلفت موعدها مع التاريخ، لأننا بتنا بعيدين جدا عن دولة القانون ومستقبل العدالة الجزائرية أصبح مطروحا”.وعددت المحامية الخروقات التي ارتكبت في قانون الإجراءات المدنية والإدارية، فوزير الاتصال لا يملك أصلا الصفة في رفع الدعوى القضائية التي هي من حق سلطة ضبط الصحافة المكتوبة، والقضاء الاستعجالي من حقه إصدار إجراءات تحفظية واحترازية لا يمكن معها الحكم بإلغاء صفقة تجارية بين طرفين، كما أن عنصر الاستعجال فقد معناه لأن مسار القضية أخذ شهرين كاملين، في حين أن فلسفة القضاء الاستعجالي تقوم على السرعة في إصدار القرارات لأن الخطر موجود بالبيت. عملية نصب وحكم غير قابل للتنفيذواعتبر المحامي خالد بورايو أن ما جرى في قضية “الخبر” هو عملية نصب من الذين يفترض فيهم حماية القانون، فالوزير كان على علم بالصفقة، وبانعقاد الجمعية العامة لـ”الخبر”، وبالتوقيع على العقد وإجراء المعاملات البنكية ودفع الضرائب، وترك كل ذلك يجري في صمت تام، ثم تنبه أخيرا إلى أن الصفقة تخرق القانون”.وحتى مصطلح “التجميد” عند المحامي بن حمودة سليم ليس قانونيا، فلا يمكن تجميد آثار صفقة تمت واستلم أصحابها أموالهم، لأن هذا الأمر حينها سيكون غير قابل للتنفيذ. كان يمكن ذلك، يضيف المحامي، لو أن الدعوى القضائية رفعت قبل انتقال الملكية إلى شركة ناس برود عبر الإجراءات التي كانت الحكومة عبر أجهزتها على اطلاع تام عليها.لذلك، أوضح المحامي برغل أن إشكالات عديدة ستبرز في تنفيذ الحكم ردا على سؤال حول مستقبل مجمع “الخبر”، على ضوء ما صدر من العدالة. وتساءل برغل: “هذا الحكم غير قابل للتنفيذ، وكم من حكم صدر ولم ينفذ.. ثم كيف يمكن للحكومة أن تتجرأ على قطع أرزاق مئات العمال؟ أظن أن في السلطة رغم كل ما يجري أناسا عاقلين لا يمكنهم القبول بذلك”.وعاد المحامي بورايو إلى خلفيات ما يجري، معتبرا الهدف هو “محاولة سافرة لاغتيالها كاستمرار لمسلسل التضييق الذي بدأ بحرمانها من حقها في الإشهار”، وأشار إلى أن التحدي الأساسي لهؤلاء هو إبعاد “الخبر” من الساحة الإعلامية في الجزائر ووأد مشروع حرية التعبير الذي ترفع لواءه منذ 26 سنة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات