38serv
في هذه الأيام تبلغ العبادات ذروتها، وتتزين المساجد بضيوف رمضان، يتراصون خلف الإمام بضعفهم وهمهم، يحدوهم الأمل أن يخرجوا بعد 30 يوما أنقياء ويفرج حالهم الله حالهم، ويتخلصون من أعتى احتلال ذبح الحجر والبشر والشجر.وليس بعيدا، ترى الخيمة الرمضانية منصوبة بالدماء، مشدودة بالدموع، وقد غرست أوتادها في أشلاء المحيط العربي، حيث تُحرم العديد من المدن العربية من تعظيم الشعائر أو رفع الصلوات، ولن تحيي الليالي المباركات، وسيحل دوي المدافع وهدير الطائرات محل مدفع الإفطار وصوت الأذان.وبعيدا عن المشاحنات ورائحة الدم المنتشرة من المحيط للخليج التي تعكر أجواء الصائمين، تقدم “الخبر” طبقا رمضانيا من فلسطين التي أصبح من أبرز طقوسها وعاداتها ذكر الراحلين، ووجع فراق الأحبة في سجون الاحتلال، كما لا يخفي الصائمون فرحتهم وأملهم. “الخبر” تروي حال الفلسطينيين الصائمين تحت الاحتلال في الضفة الغربية والقدس وغزة والأراضي المحتلة 48.رمضان في القدس.. روحانيات ممزوجة بعبق التاريخ ومضايقات الاحتلالكامرأة حسناء ثُكِلت في ربيع عمرها، لم يمنعها الحزن الذي أصاب عمق فؤادها من ارتقاب الوجه المشرق للحياة كلما أُتيحت لها الفرصة، هي مدينة القدس، زهرة المدائن، وعروس فلسطين، تتزين كل عامٍ بألوان الفرح ابتهاجاً بزائر كريم، شهر رمضان المبارك الذي يُعيد لها هويتها الإسلامية، وهَيبتها في وجه المحتل.ولا تكاد حارة من حارات القدس ولا شارع من شوارعها يخلو من الفوانيس والإمضاءات والأحبال الملونة، حتى يخيل للناظر أنها مدينة الفرح. علاوة على ذلك، ما زالت “القدس” تحفظ لنفسها طقوساً رمضانية خاصة اعتاد عليها المقدسيون منذ مئات السنين.يستهل د. بكيرات حديثه معنا بالقول “مدينة القدس من أهم المدن التاريخية في العالم، وهي مدينة وقفية، والطابع التاريخي والديني الذي تتمتع به القدس انعكس على الحياة اليومية فيها، فكل موسمٍ في القدس له رونق يُميزها عن باقي المدن”. ويضيف “نحن نفرح ولا نسمح للاحتلال بأن يُنغص علينا فرحتنا”، بهذه الكلمات ردّ بكيرات على سؤالي فيما يخص زينة رمضان في القدس، وأضاف “أهالي القدس استقبلوا الشهر الكريم بالطاعات، رمضان في مدينة القدس يختلف عن أي مكان آخر، فرمضان القدس هو رمضان المودة والعطاء والمحبة والتواصل، هو موسم يُعيد للقدس هبيتها، وهو يُعطي الأمل للمقدسيين ويظهر تمسكهم بإسلامية وعروبة القدس رغم الاحتلال “.مدفع الإفطاروتأخذ طقوس رمضان في مدينة القدس طابعاً روحانياً إيمانياً، يزيد جماله عبق المدينة وبنيانها التاريخي، عن ذلك يقول بكيرات “نهار المدينة فيه حركة التجار والمتجولين بين أزقتها، وتحضيرات حلويات رمضان، أما ليلها فيتميز بعدة طقوس تبدأ من مدفع الإفطار”.مدفع الإفطار موجود في جزء من باب الساهرة في مقبرة الشهداء ويعود إلى العهد العثماني، ورغم تعاقب العديد من الأنظمة على المدينة المقدسة، فقد ظل مدفع رمضان رمزًا وإرثًا تاريخيًا وحضاريًا وعادة رمضانية تضاف إلى العادات الرمضانية الأخرى الخاصة بأهل المدينة.وحتى تبقى القدس حيّة بهويتها الإسلامية والعربية، يستغل شباب المدينة شهر رمضان المبارك لإحياء لياليه في المسجد الأقصى، يواصل محدثنا “يتجمع الشبان بعد صلاة التراويح بشكلٍ شبه يومي أمام باب العامود ويحيون ليالي رمضان من خلال برامج توعوية للحضور، كذلك ترديد المديح النبوي وتنظيم المسابقات”.ويُعد التزاور العائلي من أهم العادات الاجتماعية التي اعتاد عليها أهالي القدس في شهر رمضان المبارك، وهم يُسمونها “طبخة رمضان”، إضافة إلى الإفطار العائلي الجماعي، وعمل الشراب اليومي وعرق السوس والخروب والحلويات كالقطائف بالجبنة والكنافة المقدسية.ولا تقتصر الزيارات العائلية على الأقارب فحسب، بل تمتد لتشمل الجيران والمعارف من أهل الحي، والمشافي والمراكز الصحية، ويُشير إلى أن للمرأة دورا كبيرا في رمضان لزيارة عائلات الشهداء والأسرى في المدينة من قِبل لجان نسائية عن أحياء المدينة.موائد الإفطار في زهرة المدائنالقدس، أو زهرة المدائن، في رمضان تزدان بحلتها البراقة، وقلوب سكانها عامرة بالحرية، في وقت تنتشر الحواجز الإسرائيلية بين حي وآخر، وتزداد مضايقات الاحتلال، وفي ساحات المسجد الأقصى يتأهب المتطوعون لمساعدة من فيها، يطعمون الصائمين، ويعلقون الزينة ويخطبون في الناس.وتوزع في باحات المسجد الأقصى آلاف الوجبات الغذائية على مدار شهر رمضان المبارك، وفي كل عام يحاول الاحتلال عرقلة عملية الإفطار في المسجد الأقصى، ويضع الكثير من المعوقات في وجه المؤسسات الخيرية والأفراد الراغبين في كسب الأجر، وتجهيز الإفطار، ويحاول الاحتلال أن يشرف على عملية إدخال الطعام إلى المسجد، غير أن الصائمين يرفضون ذلك.الأسرى يصنعون فرحة رمضان بحنين وألم “يعيش الأسرى أوضاعا إنسانية صعبة، خاصةً المرضى منهم، يزيد في حدتها الحالة الشعورية المختلطة لديهم بالحزن والحنين تارة، وبالفرح الممزوج بالألم تارة أخرى”، هذا ما يجمع عليه أسرى محررون حديثاً، حين يتحدثون عن أوضاع إخوانهم القابعين في سجون الاحتلال، وأجواء شهر رمضان المبارك داخل الأسر.مطبخ الأسرى في رمضان كخلية نحلطاولة وخزانة صغيرة معلقة في الجدار، “بوتاغاز” يتكون من قرص كهربائي صغير، هو مطبخ الأسرى الذي يأخذ زاوية مخصصة في غرفهم في السجون الإسرائيلية.بعد تأديتهم صلاة الظهر، يباشر الأسرى التحضير لطبق الإفطار، وقد تستغرب أن إعدادهم الطعام يبدأ قبل ساعات طويلة من أذان المغرب، فالقرص الكهربائي الذي يسمونه “البلاطة” لا يتسع إلا لإناء طبخ واحد.. الأسير المحرر أحمد الفليت يصحبنا إلى ذكريات مطبخ رمضان في الأسر “لا يختار الأسرى أنواع الطعام الذي يشتهونه، فإدارة مصلحة السجون الإسرائيلية لا تراعي الشهر الفضيل، بل توزع 3 وجبات طعام غير مطبوخة على غرار سائر الأيام”.. يستهل الفليت حديثه بروح مرحة وهو يستذكر تلك الأيام “لذا يقوم الأسرى بإعداد طعام الإفطار من المكونات التي توزع عليهم، فهم يبتكرون أطباقًا القاسم المشترك بينها وبين الأطباق المعتادة هو الاسم فقط، لأن المكونات غالبًا ليست متوافرة”، فطبق “المقلوبة” الشهير يعده الأسرى من الأرز والتونة لأن اللحم غير متوفر، وكذلك من الفطر والجزر المتوافر بكثرة ويباع في “الكانتينا” (بقالة السجن).أما عن طريقة صنع حلويات رمضان والعيد فيقول “فتافيت الخبز اليابس هي المكون الرئيس لطبق الحلو، حيث تتم صناعة الكنافة منه، كما يصنع منه الكعك المحشو بالتمر المذاب بدل العجوة”.وفي أول يوم رمضاني تتحول غرف الأسرى لخلية نحل، فالجميع يشارك في صنع الطعام من تقطيع الخضار وغيره، ليبدأ “الشيفات” منهم بطبخه ليتحول إلى طبق قابل للأكل رغم شح المكونات ورداءة جودتها، طعم العزة والكرامة هو نكهة أكلاتهم التي تجعلهم يتناولونها بنفس طيِّبة.المشروبات في الأسر هي القهوة والشاي، ويوم استثنائي من نوعه إذا سمحت إدارة مصلحة السجون “للكانتينا” ببيع المشروبات الغازية الكولا، فيشتريها الأسرى بعد أيام من التقشف والتوفير قبل أيام من دخول الشهر الفضيل حتى يتمكنوا من شراء ما يلزمهم.في المطبخ تحدث العديد من المواقف الطريفة التي تخفّف من كآبة السجن، ويكتشفون مواهبهم في هذا المجال. ويؤكد الفليت أن الأسرى اخترعوا وصفات هي علامة مسجلة لهم، مثل طبق ورق القرنبيط الأخضر بديلًا عن الخضروات ذات اللون الأخضر كالسلق والسبانخ، ويكون إعدادها بسلق الورق أكثر من مرة حتى يصبح طريًا، ثم تضاف بعض المكونات المتوفرة لتحويلها إلى طبق يؤكل.ويؤكد محدثنا أن شهر رمضان والأعياد من أصعب الأوقات التي تمر على الأسير، لأنها مناسبات يستحضر فيها الأسير ذكرياته مع أهله وأبنائه، وغالبًا 50% من الأسرى محرومون من رؤية ذويهم، على الرغم من ذلك يجتهد الأسرى لإحيائها بأفضل طريقة.أهالي الأسرى.. فرحة منقوصةفي وقت يستقبل فيه المسلمون في شتى بقاع الأرض شهر رمضان المبارك بفرح وسرور وتلتقي العائلات على مائدة واحدة مزينة بما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات، تظل فرحة قدوم الشهر الفضيلمنقوصة لدى أهالي أسرى غزة الذين يعيشون آلام الفراق محرومين من رؤية أبنائهم القابعين منذ سنوات طويلة في غياهب الزنازين الإسرائيلية.ويستذكر أهالي الأسرى أبناءهم الأبطال على موائد الإفطار، حيث يخيم الحزن والألم وحرقة الفراق على آبائهم وأمهاتهم وزوجاتهم وأبنائهم لفقدان أحد أركان الأسرة في شهر رمضان الكريم، ولفترات قد تصل إلى 20 عاما. “ملامح وجه ابني ما باعرفها” بهذه الكلمات العفوية يعبر عماد عريف والد الأسير باسل عريف، من سكان مدينة غزة والمحكوم بمؤبدَّين و25 عاما ويقبع في سجن نفحة الصحراوي، عن ألمه وحزنه لغياب ابنه لأكثر من 16 عاما في سجون الاحتلال.يقول عريف “آخر رمضان عشته مع ابني باسل كان عمره 18 عاما، واليوم عمره 34 عاما، كيف سيكون شعوري؟ حزن وألم على فراق ابني المعتقل بتهمه مقاومة الاحتلال”. وتابع الرجل الخمسيني الممنوع من الزيارة “ابني محكوم بمؤبدَّين و25 عاما بتهمة مقاومة الاحتلال.. حاضر معنا على مائدة الإفطار والسحور في هذا الشهر الكريم، ونسأل الله أن يكون الفرج قريبا له ولجميع الأسرى في السجون”.وقال عبد الناصر فروانة رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين “إن دولة الاحتلال كعادتها لا تراعي خصوصية شهر رمضان ولا توفر احتياجات الأسرى، بل تتعمد التضييق عليهم وتصعد من اعتداءاتها عليهم وإجراءاتها القمعية بحقهم، ما يزيد من معاناتهم وذويهم خلال هذا الشهر الفضيل”. وأضاف “المعاناة مزدوجة، فكم من أم غص حلقها باللقمة لحظة الإفطار لتذكرها ابنها الذي يقبع هناك وراء القضبان، وكم من أب انهمرت الدموع من عينيه في أيام رمضان وهو يتصور ابنه مقيد اليدين في سجون الاحتلال”. وتابع “يحدث شيء شبيه بهذا داخل السجن كذلك، حيث يتذكر الأسير المناسبة في الخارج ويتصور ما يحدث لأهله في هذه اللحظة دون حضوره، فيزداد شعوره بالحرمان، خاصة إن كان من القدامى أو ممن فقدوا أحد الوالدين خلال سني الاعتقال”.الاحتلال يتعمد التنكيد على الأسرىوتتعمد إدارة سجون الاحتلال التنغيص على الأسرى في شهر رمضان المبارك وكسر فرحتهم باستقبال الشهر الفضيل بعدة إجراءات وممارسات قمعية تزيد من أوضاعهم صعوبة وقسوة.ومن أساليب التنكيد الأخرى على الأسرى خلال رمضان قيام الإدارة بمصادرة المراوح من الغرف أو منعهم من شراء مراوح إضافية خاصة في السجون التي تقع في الأجواء الصحراوية، حيث تكون الحرارة والرطوبة مرتفعة وتزداد صعوبة مع الصوم، ما يحوِّل الغرف إلى أفران حارة، وكذلك تنفيذ تنقلات بين الأقسام والسجون لعدد من الأسرى، وهذا يخلق حالة من الإرباك والتوتر لدى الأسير الذي يحتاج لعدة أسابيع حتى يتكيف مع الوضع الجديد، إضافة إلى مضاعفة عمليات عرض الأسرى على المحاكم في رمضان، لما فيه من معاناة وتعب وسفر لساعات طويلة، وقد يرافقه اعتداء على الأسرى.كما تعطل إدارة مصلحة السجون إدخال الأغراض الخاصة بشهر رمضان كالتمور وزيت الزيتون والحاجيات التي يستخدمها الأسرى لصناعة الحلويات، والتي تحضرها المؤسسات المختصة أو الأهل خلال الزيارة.أجواء سحور على وقع الاقتحامات الليليةفي وقت يجوب المسحراتي جولته لإيقاظ المواطنين للسحور، تشهد القدس والضفة الغربية المحتلة اقتحامات إسرائيلية عسكرية لمنازل الفلسطينيين.ومنذ بدء شهر رمضان المبارك، لا تغيب أصوات الآليات العسكرية ومشهد الاقتحامات الليلية عن أجواء السحور، في مشهد ينغص “بركة” الشهر الفضيل.المواطن زكريا صبري (65 عاما) لم يتحمل آثار الغاز المسيل للدموع الذي أطلقه جنود الاحتلال بالقرب من منزله وقت السحور، وقال “دخان الغاز دخل إلى غرفة النوم، ما دفعني للخروج إلى فناء المنزل خشية الاختناق، وقررت التزام البيت وعدم الذهاب للمسجد لأداء صلاة الفجر”. وأضاف “دوريات الاحتلال تقتحم مدينة قلقيلية منذ بداية شهر رمضان بشكل دائم، بينما قبل رمضان لم تكن دوريات الاحتلال تمارس هذا الدور المستفز بشكل دائم”. ويؤكد عزيز شريم أن دوريات الاحتلال العسكرية لم تتوقف يوما عن اقتحام المدينة منذ بداية شهر رمضان، وتعمد الجنود خلالها التنغيص على المواطنين بإطلاق الرصاص والغاز المسيل للدموع. ويروي منير حوتري (67 عاما) أنه كان يستعد للصلاة في المسجد الأقصى أول جمعة من رمضان، فأصابه اختناق أثناء انتظار الحافلة بسبب إطلاق أحد الجنود الغاز المسيل للدموع. وقال حوتري “الجندي أطلق الغاز دون مبرر أو مواجهات.. إنه ينغص علينا أجواء رمضان”. ووفقا للناشط الفلسطيني محمد زيد، فإن الاقتحامات الإسرائيلية المتكررة منذ رمضان تأتي بشكل متعمد، لا سيما أنها لا تكون مصحوبة باعتقالات، بل بعضها لتسليم بلاغات أمنية، ولا تستدعي إطلاق قنابل الغاز والصوت وترويع المواطنين. وتابع “الحديث عن تسهيلات حياتية للفلسطينيين في رمضان كذب وافتراء.. الواقع يشهد تعقيدات وإجراءات عنصرية تنال من طقوس شهر رمضان، وأهمها وقت السحور الذي يمثل وقت الاستعداد لصوم طويل”.قرية العراقيب.. سحورٌ فهدمٌ فإفطارٌ في العراءعلى وقع الخراب الذي أحدثته آليات الهدم الإسرائيلية في منازلهم، استقبل أهالي قرية العراقيب الفلسطينية في النقب المحتل يومهم الرابع في شهر رمضان. فعوضا عن انشغال أهالي العراقيب ذاك اليوم الذي صادف تاريخة 9 جوان بالعبادة أو تحضير طعام الإفطار، انهمكوا في إعادة بناء منازلهم المكونة من الخيام، بعدما هدمتها جرافات الاحتلال للمرة 99 على التوالي، بحجة أن القرية بُنيت دون ترخيص.ويقول عمدة القرية الشيخ صياح الطوري “إن قوات كبيرة من شرطة وجيش الاحتلال طوقت القرية، ولم يكد السكان ينهون سحورهم حتى باشرت الجرافات هدم المنازل على ما فيها، وتركتهم في العراء دون أن تبالي بحرمة شهر رمضان، وبالنساء والأطفال الذين التحفوا رمال الصحراء الحارة”. وأضاف الطوري “تخيّل أن تتسحّر في الرّابعة فجراً داخل بيتك، وفي السّادسة لا تجد البيت الذي تسحّرت فيه. الأمر الأصعب عندما حضر وقت الإفطار، فلا منزل ولا خيمة تؤوينا بعد أن تم هدمها جميعا ومصادرتها، ومصادرة محتويات الخيام، وحاولنا قدر الإمكان تأمين طعام الإفطار للأطفال على الأقل”. وأشار إلى أن سلطات الاحتلال “لا تأبه برمضان أو بغيره؛ فهي لا تفهم سوى لغة القوة والإجرام وسياسة الاقتلاع والتهجير”، مضيفاً “العراقيب هي أكثر قرية هُدمت في التاريخ”.ودعا الطوري إلى التضامن مع القرية وأهلها في ظل ما تتعرض له من سياسة تهجير ممنهجة، قائلا “رمضان هو شهر الخير، ونحن في العراقيب لا نريد طعاما، ولكن نريد التضامن معنا ولو بكلمة حسنة، أما نحن فلن نساوم ولن نفرط في أرضنا ولو بقينا دون طعام وشراب، ومستمرون على ذلك حتى نلاقي الله مخلصين لا مساومين على الأرض”.وأكد أن أهالي القرية أعادوا بناء منازلهم المبنية من الخيام بالتعاون مع عدد من المتضامنين، مشدداً عزمهم التغلب على كل المصاعب التي تعترضهم وخاصة خلال شهر رمضان؛ حيث يتم رفع الأذان من مسجد القرية الذي هدم الاحتلال مأذنته، كما تقام فيه صلوات التراويح يوميا.وتحرم سلطات الاحتلال قرية العراقيب القائمة على أرض مساحتها 1250 دونما، من كافة الخدمات الأساسية؛ فلا يوجد فيها بنى تحتية ولا شوارع معبدة ولا شبكة كهرباء أو مياه، ويحصل أهاليها على المياه من الآبار الستة الموجودة فيها... وقطع المياهقال خبراء في مجال المياه إن تقليل ضخ كميات مياه للضفة المحتلة منذ مطلع شهر رمضان وقطعها عن عدة مناطق في شمال الضفة، يهدف إلى تسويق مياه التحلية “الإسرائيلية” المنتجة في محطة الخضيرة لتحلية المياه.رمضان ينكأ جراح مشردي الحرب في غزّةخارج منزلها الحديدي المتنقل “الكرافان”، تعكف الفلسطينية سميّة رضوان برفقة زوجها وأبنائها على تجهيز مائدة صغيرة لتناول طعام الإفطار، هربًا من ارتفاع درجات الحرارة وضيق المكان.تجلس سمية رضوان (54 عاما)، بعيدًا عن البيت الذي وصفته بالفرن، في مشهد يكرره مئات النازحين في بلدة خزاعة جنوبي قطاع غزة منذ اليوم الأول للشهر الفضيل. وتقول سمية إنّها تتناول الإفطار في الخارج، إذ لا يمكن أن تحتمل البقاء في غرفتين لا تتجاوز مساحتهما المترين، وتتابع “درجة الحرارة مُرتفعة، بل قاتلة، ولا يمكن أن نبقى في الداخل، أجسادنا تنصهر”. وتتذكر بحسرة كيف كانت تعيش في منزلها المبني من الإسمنت براحة بال وهدوء، قبل أن يتم تدميره خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة. ويشارك كامل رضوان (56 عامًا) زوجته الحديث “معظم وقتنا في الخارج، نحن 6 أفراد نعيش داخل الكرافان الضيق، عند الإفطار نتجمع في الساحة المجاورة للمنزل، إذ لا يمكننا البقاء هنا ولو للحظة”. ويضيف بغضب “في رمضان الماضي، شنت إسرائيل حربًا قاسية علينا، وأصاب الدمار كل شيء، وها هو ثالث رمضان يمر علينا ولم نرَ شيئاً من الإعمار”.ولا تأبه سلوى النجار بأي مساعدات مالية وإغاثية تقدمها مؤسسات أممية ودولية للمتضررين في قطاع غزة في رمضان، فهي تريد رؤية بيتها وقد تم بناؤه من جديد بعيداً عن الذل”. وتضيف النجار وهي أم لسبعة أبناء “لقد تعبنا من التشرد وبيوت الإيجار والبيوت المتنقلة، نريد العودة إلى منازلنا، أن نجلس معًا على مائدتي الإفطار والسحور، أن نسهر سويًا”.ولا يزال نحو 22 ألف فلسطيني مشردين حتى اللحظة في مراكز الإيواء والمساكن المؤقتة أو لدى عائلاتهم، وفق إحصائيات لوزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية.ويشعر سعيد قويدر، وهو أب لستة أبناء، بالحسرة الشديدة وهو يستقبل شهر رمضان في ظل ظروف قاسية جراء ما آلت إليه حياته بعد أن دمرت الحرب منزله. ويقول إنّ شمل أسرته قد تفرق بفعل الحرب، ما جعله يشعر بالألم، مضيفاً “3 من أبنائي المتزوجين كانوا يسكنون معي في بيتي المكون من 4 طوابق، كنا نعيش حياة دافئة وهانئة، فطورنا وسحورنا معًا، الآن كل شيء تغير، تفرق الأولاد، ولم يبقَ سوى الركام، بعد عام من الحرب”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات