38serv
من مطالبة الحكومة عن طريق وزارة الاتصال بإبطال عقد بيع “الخبر ناس برود”، إلى حكاية التكيف وطلب الرخصة من جديد للصدور من جريدة عمرها ربع قرن من الوجود في الساحة الوطنية، على الناجحين الجدد في البكالوريا أن يفكروا مليون مرة قبل أن يجازفوا باختيار دراسة الحقوق والقانون، لأن ما يقرأ ويدرس غير معترف به في الواقع.جرت العادة أن اللجوء إلى القضاء للفصل في الخصومات، إنما بنية تقديم حل يرضي الطرفين المتخاصمين، وليس تعقيد المشكل أكثر وتعفين الوضعية أكثر مما كانت عليه. ما وقع لقضية إلغاء عقد بيع “الخبر ناس برود”، من قبل محكمة إدارية وليس عادية، وما رافقه من خروقات قانونية عديدة، قد شجع وزارة الاتصال على تقديم اجتهادات قانونية عن طريق محاميها، من شأنها أن تزيد في توريط القضاء أكثر مما هو مضروب في استقلاليته ومصداقيته، بالنظر إلى أن المحكمة الإدارية أصدرت قرارا غير قابل للتنفيذ باعتراف رجال القانون والحقوقيين وقطاع واسع من المحامين. ومثلما يقال عندما تدخل السياسة من الباب يخرج القانون من النافذة، ومادام قضية “الخبر” تحولت من قضية تجارية بحتة إلى قضية سياسية بامتياز، بإجماع الطبقة السياسية والنشطاء الحقوقيين، فإن البحث عن الحل خرج من دائرة القانون إلى دائرة التسوية عن طريق “الترهيب” و”الابتزاز”.الخرجة الإعلامية لمحامي وزارة الاتصال، تجد صداها فيما قاله الوزير الأول من أن الحكومة ليس لها مشاكل مع الصحافة، ويفهم منها أن السلطة لها حقا مشكلة مع الصحف الكبيرة التي لابد لها أن “تصغار” حتى يفتى لها بـ “البقاء” وتسلم من سيناريو الغلق الذي برمج لها منذ وقت ليس بقريب. يبدو أن التضييق الممارس ضد “الخبر” لسنوات، تارة عن طريق التصحيحات الجبائية، ومرات من خلال منع الإشهار العمومي عنها، وبعده تهديد المعلنين الخواص من توجيه إشهارهم لـ”الخبر” و”الوطن” المصنفتين ضمن “محور الشر”، ووصولا إلى استعمال القضاء لإبطال صفقة بيع، كلها لم تف بغرضها، بالنظر إلى تجذر “الخبر” لدى الجزائريين والقراء، ما دفع إلى الانتقال إلى مرحلة أخرى من “الخنق”، وهو ما ورد على لسان محامي وزارة الاتصال، وهي تعكس رسالة الحكومة بامتياز، أنه في غياب الإنجازات في البلد تحول غلق جريدة “الخبر” إلى إنجاز حكومي يوضح في حصيلة بيان السياسة العامة الذي لم يعرض أمام البرلمان منذ سنوات.ولذلك نقول إذا كان غلق “الخبر” سيمنع عودة الجزائر للمديونية، وسيكشف أين ذهبت الـ1000 مليار دولار، مداخيل المحروقات، وينعش الاقتصاد ويحسن أجور العمال والموظفين ويطوّر المنظومة الصحية ويضع حدا للمدرسة المنكوبة ويحقق استقلالية القضاء والفصل بين السلطات، ويقضي على بقايا الإرهاب ويحسّن صورة الجزائر في الخارج، وينهي تزوير الانتخابات ويحقق الشفافية والمصداقية، ويضع حدا للانقلابات العلمية والتصحيحيات في الأحزاب، ويفرض الكفاءة وينهي الشيتة والزبائنية في الجزائر... “الخبر” مستعدة لتقديم نفسها قربانا في مقصلة الحرية، أما ما دون ذلك فإنه اغتيال لـ”الخبر” مع سبق الإصرار والترصد.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات