38serv
سألت “الخبر” رئيسَ المنظمة الوطنية للناقلين الجزائريين حسين بورابة عن خلفيات انعدام أجهزة الرقابة التقنية الداخلية للحافلات، فقال إن هذا يعود إلى إشكالية كبيرة وقعت فيها وزارة النقل قبل 6 سنوات، حينما ذهبت أطراف إلى عقد صفقة هامة مع بعض الدول الأوروبية من أجل تزويد حافلات النقل بأجهزة “تاكيغراف” من الأجيال القديمة، وأضاف بأن تلك الأطراف تقدمت في مفاوضتها لولا وقوف ممثلي الناقلين أمام تلك المحاولات، حينما أصرت على عصرنة تلك الأجهزة.ولم تعمل السلطات الجزائرية، حسبما أكده حسين بورابة لـ “الخبر”، على تجاوز الشروط الأوروبية التعجيزية في تزويد وسائل النقل بأجهزة تقييس السرعة “كرونو تاكيغرافي” أو “الميقت”، حيث ظلت النصوص القانونية 12/01 و03/01 التي تجبر الناقل على تزويد حافلته بهذا الجهاز، الذي يساهم في ضبط تصرفات السائق من حيث السرعة وساعات السياقة، دون تطبيق لـ15 سنة، وهي الفترة التي تضاعفت فيها حظيرة النقل بنسبة 43% تقريبا، وكان من الأولى إجبار وكلاء السيارات والمركبات على تدعيم الحافلات بأجهزة متطورة وتثبيتها من بلدان المنشأ ومن شركات التصنيع، بدلا من اعتمادها وتمريرها عبر الموانئ وهي خالية من هذه الأجهزة الضرورية، علما أن الجزائر تحصي 655 ألف ناقل (مالك وسيلة النقل)، منهم 125 ألف سائق أجرة بالقطاعين الحضري وشبه الحضري وما بين الولايات، و80 ألف متعامل في النقل بالحافلات، وحوالي 450 ألف ناقل بضائع.ويرى ممثل الناقلين في هذا الإطار بأن الحوادث ناتجة عن إغراق خطوط النقل، وما أفرز المنافسة غير الشريفة بين الناقلين، كالسرعة المفرطة وعدم احترام التناوب في السياقة، حيث يوضح بأن السائقين في الخطوط الكبرى لا يحترمون فترات الراحة المحددة بـ45 دقيقة بعد 4 ساعات سير، ويفضلون مواصلة السياقة ربحا للزبائن وللوقت، حيث تشير دراسة خبراء أوروبيين حسبه إلى أن السائق الجزائري في الخطوط الكبرى يقضي ما بين 12 و14 ساعة عمل دائم، بينما تحدد القوانين الجزائرية 8 ساعات سياقة تتخللها فترة راحة إجبارية.وتسجل حوادث المرور يوميا على طرقاتنا بالمناطق الحضرية وغير الحضرية، أكثر من 150 حادث يودي بأكثر من 12 قتيلا و60 جريحا يوميا، ومن خلال تحليل الإحصائيات الرسمية طيلة العشرية 2004-2014 يتبين جليا أنه من كل 100 حادث مرور 55 حادثا يرتكب بمناطق غير حضرية يحصد 15 إلى 17 قتيلا و14 إلى 16 جريحا، ومن بينها أكثر من 8 حوادث كاملة يرتكبها حاملو رخص سياقة تقل عن 5 سنوات. ما يعني حسب محدثنا أن نقص المهارة في السياقة يقف لوحده وراء أكثر من ثلاثة أرباع حوادث المرور المرتكبة بالمناطق غير الحضرية التي يقع ضحيتها أكثر من 50% قتلى وجرحى، وهو ما يستلزم وضع تجهيزات تسمح لأعوان الرقابة والمصالح الأخرى الإدارية برصد تصرفات العنصر البشري القائد لهذه الوسيلة.من جهة أخرى وعلى الرغم من تورط مركبات النقل الجماعي في أقل من 4% من إجمالي حوادث المرور، فإن وقوعها غالبا ما يكون ذا عواقب رهيبة من حيث عدد الضحايا، لاسيما الحوادث التي تقع في الطريق السيار والطرق الوطنية على متن مركبات الخطوط الطويلة من حافلات وسيارات أجرة.لذلك على السلطات الشروع في تكوين السائق المحترف وتوفير الميقت (chrono-taquigraphe) على متن الحافلات وتوسيع رخصة السياقة البيومترية وغيرها من التدابير التي نص عليها قانون النقل البري وجوبا منذ سنة 2001، وجعلها ضمن الاختصاص الحصري للدولة.من هذا المنطلق يمكن محاصرة وتقويض حوادث المرور التي تتورط بها وسائل النقل الجماعي، من خلال تعزيز المراقبة والردع بتدابير تخدم السلامة المرورية كأولوية، وذلك بإدخال مبدأ السرعة التجارية في المراقبة، إلى جانب مبدأ المعاقبة الآنية للسائق الذي يخالف قانون النقل البري باعتباره فاعل المخالفة، فلو امتنع كل سائق حافلة مثلا عن سياقتها عندما لا تستوفي الشروط القانونية لجنبنا ذلك الكثير.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات