38serv
تعقّد الأمراض المتنقلة عن طريق الحيوانات حسابات قطاع الصحة بولاية المدية، إذ تتكبد ميزانيته خسائر مالية تقدر بالملايير، جراء هشاشة الأطر الوقائية الجوارية والغياب المزمن لدور مكاتب حماية الصحة العمومية على مستوى البلديات، وضعف في التأطير والتجهيز وتصدع في المناهج والبرامج الخاصة بمتابعة الأوضاع البيئية والوبائية للأطر المعيشية للسكان بشقيها الريفي والحضري.يتصدر خطر تفشي داء الكلب في الوسط الحيواني وانتقاله إلى السكان واجهة الأمراض المتنقلة عن طريق الحيوانات في المدية، حيث استقبلت مختلف المصحات الجوارية أزيد من 1550 إصابة بعضات الكلاب الضالة وبعض الحيوانات الأليفة، على غرار القطط والأبقار والحمير، خلال الستة الأشهر الأولى من السنة الجارية.هذه أرقام جعلت خطر داء الكلب القاتل ماثلا على الأبواب وفي كل شبر من براري البلديات وفي قلب كل زاوية بالأحياء السكنية وحتى الشوارع العامة عبر المدن، ما يهدد فئة الأطفال بالدرجة الأولى. وتجسد هذا الخطر في تسجيل وفاة ضحيتين، الأولى على حافة الوسط الحضري لعاصمة الولاية وهي طفلة عمرها 8 سنوات لقيت حتفها رغم تلقيها للعلاج، أما الضحية الثانية بالوسط الريفي بإقليم بلدية سيدي الربيع شرقي الولاية فهي طفل عمره 14 سنة لفظ أنفاسه بمستشفى بني سليمان، والمتهم الأول، حسب المسؤولين المحليين، هو عدم توفر الذخيرة الموجهة لقنص الكلاب الضالة وحتى الحيوانات البرية والأليفة المشتبه في حملها للداء والتي أصبحت في حد ذاتها بؤرا جوالة لهذا المرض الخطير عبر أغلب مناطق الولاية.40 حالة للحمى المالطيةو يأتي داء الحمى المالطية ثانيا من حيث خطورته وتكاليف علاجه الباهظة التي لا تقل عن 25 مليون سنتيم لكل حالة متنقلة إلى البشر عن طريق استهلاك الحليب والألبان الطازجة للمواشي المصابة وفي مقدمتها الأبقار والماعز، ناهيك عن الآثار الوخيمة التي تستمر بعد العلاج من الإصابة على غرار العقم وعدم قدرة المصاب على الإنجاب لاحقا، حيث تم تسجيل 40 حالة للحمى المالطية المعروفة بين أهل الاختصاص باسم “البريسيلوز”، فقد مر أزيد من عقدين على تواجده بتراب الولاية، خاصة بمنطقتها الجنوبية، إذ لا تكاد تمر بداية فصل صيف إلا ويشهد مستشفى قصر البخاري مثلا توافدا للعديد من المصابين طلبا للعلاج قادمين من زهاء 13 بلدية، كضحايا لاستهلاك حليب ملوث مصدره أبقار أو ماعز حلوب على وجه الخصوص.كما سجلت إصابة واحدة بمرض “الليشمانيا الحشوية”، المتجذر هو الآخر منذ سنوات طويلة في الجهة الجنوبية من الولاية، وهو مرض قاتل في حال عدم الحصول على علاج استعجالي ومبكرا ويذكر أن المرض كان مقتصرا في وقت مضى على “الليشمانيا” الجلدية”، التي رغم أنها تعد أقل خطورة من النوع الأول إلا أنها تترك آثار مشوهة لجسم المصاب على غرار الوجه والأطراف، زيادة على آثار جانبية وتسممات مزمنة على صحته نتيجة تلقي أدوية العلاج.وتبقى مياه الصرف الصحي القذرة التي تجري عبر الوديان والمجاري على غرار مجرى وادي الشلف المار بمحاذاة مدينة قصر البخاري، تشكل خطرا حقيقيا على صحة سكان الولاية، ناهيك عن الأعطال التي تحدث من حين لآخر في قنوات الصرف المتدفقة سواء بأقبية العمارات أو في فضاءات جوارية لسكان المدن، التي تتحول مع أي طارئ أو تخلف عن معالجتها إلى بؤرة لتعشيش بعوضة “فليبوطوم” الناقلة لهذا الداء إلى الإنسان كحلقة أخيرة انطلاقا من امتصاصها لدم ملوث بطفيلي المرض من خزانها الأول، جرذان الحقول، مرورا بحيوانات أخرى كالكلاب والذئاب البرية.وتشير الأرقام إلى تسجيل 48 حالة إصابة في النصف الأول من السنة الجارية بعشر بلديات، من بينها حالة “ليشمانيا حشوية”، ليأتي بعدها داء الكيس المائي بـ10 حالات يكون مصدرها الذبح والبيع العشوائيان للحوم المواشي دون مراقبة بيطرية، على غرار ما يحدث في الأسواق الأسبوعية وأثناء مواسم الذبح المكثف مثلما هو في الأعياد والأعراس والمناسبات الشعبية والدينية، يضاف إليها الأمراض المتنقلة عن طريق الحيوانات، التسممات العقربية التي فاق عددها 500 حالة تم التكفل بها عبر مختلف مصحات الولاية، وكلفت فاتورة ثقيلة لتفادي وقوع وفيات بين المصابين، خاصة بالمناطق المعزولة، ناهيك عن تسجيل أزيد من 600 حالة تسمم غذائي عبر 14 بلدية، أغلبها ناجم عن استهلاك أطعمة وحلويات ملوثة جراء عدم احترام المعايير الصحية اللازمة لإعدادها. ومن المرتقب أن يزداد الوضع تعقدا، في ظل سياسة التقشف التي تنتهجها الداخلية تجاه البلديات، حيث أفلست أزيد من 33 بلدية من مجموع 64 وعجزت عن تحصيل مداخليها الذاتية بما في ذلك بعض البلديات الكبرى أو البلديات الحاضنة لمقرات الدوائر بسبب سوء التسيير، وحتى بدافع عدم فتح جبهات عقابية بحسابات انتخابية وحزبية بحتة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات