38serv
رغم انحصار رقعة تواجد عناصر تنظيم “داعش” داخل مدينة سرت الليبية، وإحراز قوات “البنيان المرصوص” تقدما ملموسا على الأرض، إلا أن هذه القوات تواجه حاليا معارك شرسة، تسببت في خسائر كبيرة في صفوفها، حيث يتضح أن معركة سرت لن تكون الأخيرة، وأن تكلفتها ستكون عالية، في وقت بدأت تتفاقم حدة الأزمة بين حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج بطرابلس وبرلمان طبرق بالبيضاء، شرق ليبيا. فيما أعلنت قوات حكومة الوفاق الوطني الليبية أن المساحة التي يسيطر عليها تنظيم “داعش” في مدينة سرت تقلصت إلى كيلومترين مربعين، حسبما تناقلته وسائل الإعلام الليبية، بعد معارك شرسة قتل وأصيب فيها العشرات من عناصر هذه القوات، بدا واضحا أن “داعش” لن يسلم المدينة دون خوض معركة بقاء، وأن تكلفة العملية ستكون عالية، ولن تشكل نهاية الحرب، لاسيما أن مؤشرات عديدة تدل على أن “داعش” سرب المئات من عناصره من المدينة إلى مناطق أخرى متفرقة، بما في ذلك خارج التراب الليبي.وفي وقت تؤكد القوات الحكومية أنها باتت تحاصر عناصر التنظيم “في أقل من كيلومترين مربعين”، في أجزاء من معقليه الأخيرين في الحي رقم 1 شمالا والحي رقم 3 شرقا، إثر هجوم كبير شنته، فإن حصيلة الخسائر التي تكبدتها هذه القوات أضحت تعد بالمئات، وهو ما يكشف عن ضراوة المعارك ومدى استماتة عناصر التنظيم رغم الدعم اللوجستي الغربي.ويواجه المقاتلون الحكوميون نيران قناصة تنظيم “داعش” والسيارات المفخخة والألغام، التي خبأها عناصره بين الأشجار وخلف أبواب المنازل، والتي تسببت بمقتل العدد الأكبر من المقاتلين الذين سقط منهم أكثر من 400 منهم، وأصيب أكثر من ألفين بجروح منذ بدء عملية “البنيان المرصوص”.وعلى صعيد متصل، يتخذ الصراع السياسي بين برلمان طبرق في الشرق الليبي وحكومة الوفاق بطرابلس، بعدا جديدا، مع مطالبة المستشار عقيلة صالح رئيس البرلمان من رئيس الحكومة فايز السراج بالتنحي عن منصبه، فيما طالب أعضاء من البرلمان وعضو مقاطع لحكومة السراج اجتماع المجلس في مقر آخر غير العاصمة طرابلس، بدعوى سيطرة الميليشيات عليها.ومع تأكيد برلمان طبرق على عدم الاعتراف بقرارات حكومة السراج، ورفض الاعتراف بها، فإن الانسداد يظل قائما، حيث يلح البرلمان على اختيار الحكومة بالتوافق، فيما تجد الحكومة نفسها في موقع أفضل بالنظر لدعم الدول الغربية لها وكسبها شرعية مكافحة الإرهاب عبر معركة سرت، ويتضح أن التجاذبات بين الشرق والغرب ستظل قائمة لفترة، إلى حين إيجاد ترتيبات سياسية بتأطير الدول الغربية التي ترى في ليبيا موقعا استراتيجيا ومخزونا طاقويا مهما، لا يمكن التغاضي عنه، فضلا عن مخاطر تنامي المجموعات المسلحة على رأسها تنظيم “داعش” على مسافة مئات الكيلومترات من الشواطئ الأوروبية، مشكلا بذلك تهديدا كبيرا على عمق أمن أوروبا.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات