38serv

+ -

 ليكن في علم الجميع، أن الجزائر خليط من الأعراق والشعوب والديانات والعقائد واللغات والأمزجة.. وعليكم منذ الآن أن تتفقوا على التعايش السلمي والتضامن الفعّال، وقبول الآخر دون شروط مسبقة.. ليكن في علم الجميع أن الجزائر فيها أمازيغ وبربر ورومان وبيزنطيين وعرب وبقايا أندلسيين وبقايا أتراك وبقايا مستعمرين سابقين، تخلوا عن بلدانهم عشقا لهذا البلد.. وأنه ليس من حق أحد ادعاء ملكية الجزائر. ليكن في علم الجميع أن الجزائر دانت للمجوس وعبدة النار والقمر واليهود والمسيحيين، والذين لا دين لهم، ثم جاء المسلمون، والذميون، والموالي، والعبيد، والمغضوب عليهم في الشرق، وجاء تاريخ أهل الذمة ودافعي الفدية، وجاءت السنة، والشيعة، والخوارج، وأنبياء مزيفون جندوا الجزائريين لشن حروب على شعوب أخرى.. وبالتالي لا أحد يدعي امتلاك الحقيقة السماوية.. ليكن في علم الجميع أن الجزائر مليئة بشيوخ العشائر، والأئمة، والمبشرين، ودعاة، وناشرو معتقدات شيطانية وأفكار شخصية، ومدعو نبوة، ومجانين دين لا يعرفون منه سوى النزر القليل، وحاملو سلاح باسم الدين من أجل تحقيق أغراض دنيوية.. ولذلك لا تتركوا أحد يَتألّهُ عليكم باسم قوة وهمية.. ليكن في علم الجميع أن الجزائر فيها نساء، ورجال، وشواذ، وبائعات هوى، ومعقدين جنسيا، وخيانات زوجية، ومُطلقات محترمات وغير... وعوانس لم يوفقهن المكتوب، ومتشبهون بالذكور من النساء، وبالنساء من الذكور.. وعلينا أن نتقبل بَعضنا، وأن نتعايش..ليكن في علم الجميع أن الجزائر بها سحرة، ومشعوذين، ومنجمين، وباعة أعشاب وهمية، ومتطببون مزيفون، ومدعي علم بالعالم الآخر للاحتيال على جهل وجيوب الناس... وعلينا أن نحذر من شيطنتهم لكنهم يبقوا جزائريون...ليكن في علم الجميع، أن الجزائر فيها متعصبون لرأيهم، حتى قبل أن يسمعوا الرأي الآخر، وأن فيها من يصلي فيحكم بالرجم على من يسكر، وفيها من يسكر فيحكم بالتخلف على من لا ينادمه، وفيها من يقامر ومن يغامر، وفيها من يرتكب جرائم القتل، ومن يقترف زنا المحارم، ومن يكذب على الناس على المباشر دون أن يرف له جفن، ومن يسرق جيوب الآخرين، ومن يسرق خزينة الدولة بطرق قانونية ملتوية.. وفيها مهربون، وقتلة، ومرتزقة، وخارجون عن القانون، وعصاة أجلاف، ومحتالون حتى على أمهاتهم.. وكل هؤلاء ببساطة جزائريون..ليكن في علم الجميع، أن الشعب الجزائري ليس عظيما، وأن الجزائر ليست قوة إقليمية، وأننا لا نمثل وزنا أيا كان، ولا مثالا أعلى لأي كان، وأننا مهددون في حياتنا، وخائفون على مصيرنا، وأن قدرنا أن نتعايش ونتفاهم ونفكر كيف نصبح شعبا عظيما وقوة إقليمية ومثالا يحتذى ..وليكن في علم الجميع، أن الجزائر ليست بلدا ديمقراطيا، ونظامها الديكتاتوري لا يحترم حقوق الإنسان، وأن الحريات الشخصية منتهكة، وأن التعبير والمعتقد فيها مقيدان، وأن القانون لا يطبّق إلا على الضعفاء، وأن الفساد أصبح مباحا والرشوة إكرامًا والتزوير شطارة والوعود الزائفة مادة صالحة للتسويق أيام الانتخابات.. وعلينا أن نفهم أن العناية الإلهية لا دخل لها في شؤون دنيانا، وأننا من الواجب أن نغير ما بأنفسنا كي يغير الله ما بنا..ليكن في علم الجميع أن الجزائر مقسمة إلى جهات وقبائل وعشائر وعائلات وعصابات وفئات، وأحزاب متناحرة على الريع، وجمعيات تغتاب بعضها للفوز بمنحة المعوقين، وتنظيمات لا تنظم ولا تضم سوى هيئاتها القيادية... وعلينا أن نعمل من أجل أن يصبح هذا الوضع من الماضي وليس من المستقبل.. ليكن في علم الجميع أن التاريخ لا يغني ولا يسمن إلا من يكتبونه، وأن الثورة التحريرية استولى على انتصارها الذين لم يقومون بها، وأن ثمار الاستقلال قطفها الجبناء والمشبوهون والعاطلون عن حبنا.. وقد حان الوقت لهذا الجيل أن يكتب تاريخه الذي يذهب معه إلى المستقبل..                           ليكن في علم الجميع أن الجزائر بها الجبناء والمنافقون والكسالى واللامبالون والراغبون في الهروب والصامتون عن الحق والجاهلون بحقوقهم وواجباتهم والخلاطون الذين لا يهمهم مصير أحد بما في ذلك مصيرهم.. ومن واجبنا تحويلهم إلى أقلية تافهة...وليكن في علم الجميع أن الجزائر متخلفة عن أغلب الشعوب الأخرى في مجال النظام السياسي والإداري والبنكي والتربوي والرياضي والثقافي،والإعلامي.. وأن النظام الوحيد القوي فيها هو النظام الأمني المسلح.. ومن واجبنا الآن أن نقلب المعادلة، كي نقلب الأمن إلى أمان كي نعيش سالمين غانمين..وليكن في علم الجميع أن أصحاب المال المكتسب بطرق ملتوية، هم من يسيطرون حاليا على الجزائر، وأنهم في مركز قوة، يجعلهم قادة ميلشيات بامتياز، وأنهم قادرون على شراء المناصب ومحتلي المناصب، كما تمليه عليهم مصالحهم المادية، وأنهم أصبحوا يشكلون خطرا على مؤسسات الدولة.. ومن حقنا أن نقلب موازين القوى لصالح قوى تسيير شؤون الناس.. وليكن في علم الجميع أن هذه هي صورة الجزائر الواقعية والحقيقية والمؤلمة، في عصرنا هذا، وأنه حان الوقت لفعل شيء ما من أجل أن نتعايش ونتطور.. ومن شاء فليصدق، ومن شاء فليكفر.. وكل واحد ذنبه على جنبه.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات