38serv
أفضى الضغط المتواصل الذي تعيشه عديد النوادي الجزائرية المحترفة مع بلوغ المنافسة مشارف المحطة النهائية، إلى الكشف عن الوجه الحقيقي للمسيرين الذين أوكلت لهم مهمة قيادة مشروع احترافالكرة في الجزائر نحو تحقيق نجاحات وبلوغ درجات متقدمة من حيث التسيير والتعامل والتفاعلأيضا مع كل المؤثرات التي تعترض طريق الشركات التجارية الرياضية الفتية.ما يحدث في بطولة الاحتراف الجزائرية من فضائح ومهازل أبطالها المسيرون في حدّ ذاتهم، يبعث فعلا على التشاؤم في رؤية مستقبل زاهر لكرة القدم الجزائرية رغم الأموال الطائلة التي تغدق بها السلطات على المسيرين لإسكات أصواتهم وهم يشتكون العوز، وهو واقع يؤكد بما لا يدع مجالا للشكّ أن مشكلة الاحتراف تكمن في المسيرين في حد ذاتهم، الذين يتحدثون عن البيع والشراء، ويغذّون الشارع الرياضي بكل ما يحرّض على العنف، من خلال تبادل الاتهامات والسب والشتم من كل جانب، ثم تحويل الملاعب إلى حلبات للمعارك، وجعل الضرب والاعتداء ولغة التهديد والوعيد أهم مقوّمات تحقيق نجاحات رياضية ”عنوة” في ملاعب الكرة.وصنعت قضية وفاق سطيف ومولودية الجزائر الحدث إعلاميا دون أن يتبع ذلك فتح تحقيق قضائي، تداول إمكانية إبرام صفقة بين الفريقين، كان كفيلا بضرب مصداقية البطولة الجزائرية والمسيرين الذين يشرفون على الشركات الرياضية على حد سواء، حتى وإن نفى كل طرف مسؤوليته في انتشار الإشاعة بين عامة الناس مثل انتشار النار في الهشيم، كون الترويج للبيع والشراء لمباريات كرة القدم بهذا الشكل، هو تمييع للتلاعب بنتائج مباريات البطولة إلى درجة تحاول عدة أطراف التقليل من وقعه باستبدال كلمة بيع بـ«تنازل”، وتحويل معنى عدم اللعب بنزاهة إلى ”تقديم خدمة”. ولا تقل قضية أولمبي الشلف أمام اتحاد الحراش وقعا عن قضية العميد والوفاق، كون الفضيحة تعدّت كل الحدود حين أصبح ”البيع والشراء” نقطة خلاف مسيري الفريقين، وهو خلاف كان كافيا لكشف المستور وإعلان كمال بن عبد الله، المناجير العام لاتحاد الحراش، بأنه تعرّض للضرب المبرح في الشلف بسبب نقاط المباراة، مقابل اتهام عبد الكريم مدوار، الناطق الرسمي للشلف، بنية بن عبد الله في ”التفاوض” حول النقاط ذاتها.المستوى المتدني الذي وقع فيه مسؤولو الأندية الجزائرية يندى له الجبين، وهو واقع لا يشرّف الأندية ولا المسيرين ولا الكرة الجزائرية.”البيع والشراء” يقضي على ”النية”طرح نقاط المباريات في مزاد من يدفع أكثر وفي ميزان ”عمل الخير” عدوى تفشت في الوسط الرياضي بشكل مخيف، بدليل أن انتهاء القمة العاصمية بين نصر حسين داي واتحاد الجزائر بالتعادل، كان كافيا لتكييف نتيجة المباراة على أنها نتاج ”سوق” البيع والشراء، وكان الضحية بلال دزيري، المدرّب المساعد لاتحاد الجزائر، كونه ابن مدرسة النصرية وابن حي حسين داي.اتهام دزيري دون غيره من المسيرين أو اللاعبين بترتيب نتيجة المباراة لكون علاقته بنصر حسين داي وطيدة، هو ترسيخ للقناعة السائدة بأن ”النزاهة” لم تعد موجودة في عالم كرة القدم التي تكثر فيها المصالح وتدرّ أيضا أموالا طائلة، وأصبحت عملة نادرة افتقدها الجمهور الكروي الذي لم يعد يثق بأي مسؤول فريق، وبأن البيع والشراء هو السائد وسط مسؤولي الشركات التجارية الرياضية الجزائرية.وبعيدا عن البيع والشراء، فإن تفشي العنف في ملاعب الجزائر بهذه الخطورة وسقوط اللاعب الكامروني ألبير إيبوسي ورحيله عنّا بسبب ”تصرفات طائشة”، مسؤولية يتحمّلها الجميع وفي مقدمتهم مسؤولو النوادي الجزائرية الذين يحرّضون الأنصار على الاشتباكات ويدفعونهم في كل مباراة إلى التشنج، وما حدث في مباراة شبيبة الساورة أمام مولودية الجزائر من اعتداءات على العميد مؤشر قوي على إمكانية سقوط أرواح أخرى في الملاعب الجزائرية التي شهدت أعمال تخريب في ملعب أحمد زبانة بوهران، حين قام أنصار مولودية الجزائر بتحطيم كراسي الملعب في مباراة فريقهم أمام جمعية وهران.تصدير منتوج المهازل مكتوب عليه ”صُنع في الجزائر”الشركات الرياضية التي تصدّر منتوج المهازل إعلاميا إلى الخارج مكتوبا عليه ”صُنع في الجزائر”، جعلت من مهازلها ”علامة مسجلة” غير موجودة في أي بطولة في العالم، ولا يمكن أي مشاغب أن يفكّر في رشق أرضية الميدان بالحجارة أو بمقذوفات دون أي سبب، فقط حتى يحرم جمهور فريق آخر من حضور ”قمة كروية”، إلا إذا كان العقل المدبّر له مصلحة في ذلك، وهو ما حدث مع أنصار جمعية وهران الذين تعمّدوا إلحاق العقوبة بفريقهم بحرمانهم في مباراة واحدة من جمهورهم، حتى تجري مباراة ”الداربي” بين جمعية وهران ومولودية وهران دون حضور جماهير الفريقين.ويبقى تعرّض فريق آمال شباب بلوزداد لاعتداء في بجاية نقطة سوداء أخرى في بطولة الاحتراف في الجزائر التي كثُر فيها الانتقاد، مثلما حدث مع عبد القادر عمراني، مدرّب مولودية بجاية، حين حمّل الحكم مسؤولية عدم فوز فريقه وهو الذي حقق عدة انتصارات خارج بجاية دون أن ينتقد التحكيم، بينما وجد بعض الحكّام في احتراف المسيرين البيع والشراء، سوقا مربحة لهم، ليزيد هؤلاء من متاعب بطولة تلتهم مئات الملايير دون حسيب ولا رقيب ودون أن تقدّم النوادي المحترفة مجتمعة لاعبا واحدا للمنتخب يمكن أن يكون بضاعة رفيعة المستوى تُصدّر إلى أرقى البطولات العالمية.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات