38serv
قد يكون أجمع آيات لأوصاف المفلحين ما ورد في افتتاح سورة المؤمنون: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.قال العلامة ابن عاشور رحمه الله: “افتتاح بديع؛ لأنّه من جوامع الكلم، فإنّ الفلاح غايةُ كلّ ساعٍ إلى عمله، فالإخبار بفلاح المؤمنين دون ذِكْر مُتعلّق بفعل الفلاح يقتضي في المقام الخطابي تعميم ما به الفلاح المطلوب، فكأنّه قيل: قد أفلح المؤمنون في كلّ ما رغبوا فيه. ولَمّا كانت همّة المؤمنين منصرفة إلى تمكّن الإيمان والعمل الصّالح من نفوسهم كان ذلك إعلامًا بأنّهم نجحوا فيما تعلّقت به هممهم من خير الآخرة وللحقّ من خير الدّنيا، ويتضمّن بشارة برضا الله عنهم ووعدًا بأنّ الله مكمل لهم ما يتطلّبونه من خير.. ونِيط الفلاح بوصف الإيمان للإشارة إلى أنّه السّبب الأعظم في الفلاح، فإنّ الإيمان وصفٌ جامعٌ للكمال لتفرّع جميع الكمالات عليه”.والكلام على هذه الآيات يحتاج إلى مجلدات، فأكتفي بذِكر حديثين يبينان المقصود. عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كان إذا نزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الوحي، نسمع عند وجهه كدويّ النّحل، فأنزل عليه يومًا، فمكثنا ساعة فسرى عنه، فاستقبل القبلة، فرفع يديه فقال: «اللّهمّ زِدنا ولا تَنْقُصنا، وأكْرِمْنا ولا تُهِنّا، وأعْطِنا ولا تحرمنا، وآثِرْنا ولا تُؤْثِر علينا، وارْضَ عنّا وأرْضِنا»، ثمّ قال: «لقد أنزلت على عشر آيات، مَن أقامهُنّ دخل الجنّة، ثمّ قرأ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} إلى قوله: {هُمْ فِيها خالِدُونَ}»، رواه أحمد وغيره. وقيل لعائشة رضي الله عنها: يا أمّ المؤمنين، كيف كان خُلُق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فقالت: «كان خُلُقُه القرآن، ثمّ قرأت: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} حتّى انتهت إلى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ}، وقالت: هكذا كان خُلُق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم» رواه النسائيّ.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات