38serv
زيارة المريض مُرَغَّب فيها شرعاً، وهي من حقوق المسلم على أخيه المسلم، روى الترمذي وابن ماجه أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “مَن عاد مريضاً أو زار أخاً له في اللّه ناداه منادٍ أن طِبتَ وطاب مَمشاك وتَبوّأتَ من الجنّة منزلاً”، وفي صحيح مسلم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “حقّ المسلم على المسلم ست، وذكر منها: ..وإذا مرض فعُدْهُ”. تعدّ عيادة المريض سُّنة مؤكّدة عند جمهور العلماء، روى أبو داود عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنَّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “خَمْسٌ تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ؛ رَدُّ السَّلامِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَازَةِ”، أي سُنّة مؤكَّدة، وعند الإمام البخاري واجبة، وعند بعض العلماء مندوب (مستحبّ)، وعلى كلّ الأحوال يجب عليك أن تعود المريض، إلاّ أنّ الملفت للانتباه من زيارة المريض هو تفقُّد أحواله وطلب قضاء حوائجه من طبيب ودواء وغير ذلك، وتعهّده والتلطُّف به. وقد ذكر أهل العلم أنّ لزيارة المريض آداباً منها: اختيار الوقت المناسب للزّيارة، وأن يُخفِّف الجلوس، وأن يُقلِّل السّؤال، وأن يُظهِر الاهتمام به، وأن يُخلِص له في الدّعاء كما ورد عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: “مَن عاد مريضاً لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرّات أسال اللّه العظيم ربّ العرش العظيم أن يَشفيك إلاّ عافاه اللّه من ذلك المرض” رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي، وأن يُوسِّع له في الأمل ويُسلّيه بكلام طيّب كما ورد عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من قوله للمريض: “لا بأس، طهورٌ إن شاء اللّه” رواه البخاري، ويُشير عليه بالصّبر لمَا فيه من جزيل الأجر، ويُحذِّره من الجزع لما فيه من الوزر، والعمل على رفع معنوياته. وأهمّ شيء في زيارة المريض هو الدّعاء بالشّفاء والأمر بالصّبر، كأن يقول له: “ياربّ اشفه”، “اللّهمّ مُذهب البأس، اشف شفاءً لا يُغادِر سَقماً”، و«طَهور إن شاء اللّه”، قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: “إِذَا دَخَلْتُمْ عَلَى الْمَرِيضِ فَنَفِّسُوا لَهُ فِي الأَجَلِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لا يَرُدُّ شَيْئاً، وَهُوَ يَطِيبُ بِنَفْسِ الْمَرِيضِ” رواه ابن ماجه عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه. كما أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم علّمنا أنّك إذا عُدتَ مريضاً قال: “عودوا المرضى وأمروهم فليَدْعُوا لكم، فإنَّ دعوة المريض مستجابة، وذنبه مغفور” أخرجه الطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس رضي اللّه عنه. لكن أدقّ ما في الموضوع هو أنّ اللّه سبحانه وتعالى حينما قال: “إِنَّ اللّه عزّ وجلّ يقول يوم القيامة: يا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي؟ قال: يا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قال: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ” أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه. كيف نسب اللّه المرض إلى ذاته وهو لا يمرض؟ قال العلماء: هذا تطييبٌ لقلب المريض، وهذا جبرٌ لخاطره، وتكريمٌ وتشريفٌ له. وربُّنا عزّ وجلّ حينما يقول: “مَرِضْتُ فَلَم تَعُدْنِي” أي أنّه سبحانه وتعالى أضاف المرض إلى ذاته، فهذا تشريفٌ وتكريمٌ وتطييبٌ لقلب المريض وجبر لخاطره، وحين قال: “يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ العَالَمِينَ؟ قال: أمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلانَاً مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا عَلِمْتَ، إنَّكَ لَو عُدْتَهُ لَوَجَدْتَني عِنْدَهُ” أي: أنا يا عبدي، حينما سلَبْتُ هذا المريض بعض صحّته عوّضته سكينة في قلبه وقُرْباً منّي.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات