38serv
سيشكل الاتفاق الإيراني الغربي في حال ترسيمه نهائيا في جويلية المقبل، نقطة تحول على المستوى السياسي والاستراتيجي وأيضا الاقتصادي في النظام الإقليمي الفرعي الشرق أوسطي الذي يعرف تجاذبات على محور طهران أنقرة في سياق سياسة الاحتواء والاستقطاب، فإيران تطمح من خلال ”تنازلات تكتيكية” إلى إعادة بعث منظومة اقتصادية أنهكتها سنوات الحظر والحصار، وساهمت في الضغط على الجبهة الاجتماعية، وهو ما تكشف عنه أرقام الحكومة الإيرانية بجلاء.بدا واضحا لدى تقديم الرئيس الإيراني حسن روحاني لميزانية الدولة الجديدة والمصادق عليها من قبل البرلمان في 29 جانفي 2015، أن العامل الاقتصادي أضحى يمثل رهانا حقيقيا وعامل ضغط لصانع القرار، فطهران التي تخضع لحصار مؤثر من الولايات المتحدة مند 1979، ومن تدابير عقابية على خلفية اعتماد ما يعرف بقانون ”داماتو” الموقع من قبل الرئيس بيل كلينتون في 1995 والذي يعاقب كل شركة أمريكية تتعامل مع إيران بقيمة تفوق 40 مليون دولار، والاحتواء المزدوج لجورج كينان، وإدراج إيران ضمن قائمة الدول المارقة والداعمة للإرهاب، توسعت دائرة العقوبات إلى الاتحاد الأوروبي الذي كان يمثل أحد أهم الشركاء الاقتصاديين لإيران، هذه العقوبات التي مست القطاع الاستراتيجي النفطي نتيجة منع استيراد المعدات والتجهيزات، ساهمت في تراجع محسوس لإنتاج النفط إلى 1.3 مليون برميل يوميا، بينما تصل قدرة إيران إلى حوالي 4 مليون برميل يوميا، فضلا عن تراجع الصادرات الغازية أيضا.ولم تكن المحروقات التي تمثل 80% من الإيرادات هي المتأثرة فقط، بل حتى الصناعة الإيرانية، وعلى رأسها صناعة السيارات والبتروكيمياء، تأثرت بعد تشديد الحصار الغربي الذي شمل منع التعاملات المالية بنظام ”سويفت” وإبعاد البنوك الإيرانية، وهو ما أثر سلبا على مؤشرات الاقتصاد الإيراني، رغم الترتيبات الإيرانية التي أعادت من خلالها توجيه جزء كبير من تعاملاتها إلى البلدان الآسيوية (اليابان والصين والهند وكوريا الجنوبية) إضافة إلى تركيا، علما أن إيران مصنفة ضمن أكبر وأهم الاقتصاديات بمنطقة الشرق الأوسط بناتج محلي خام يقارب 1000 مليار دولار، وصادرات بمعدل 80 مليار دولار، ولكنها ستتراجع هذه السنة على خلفية انهيار أسعار النفط، إذ تقدر الإيرادات بـ74.9 مليار دولار مقابل 80.9 مليار دولار في قانون المالية 2014، بينما تراجعت الإيرادات غير البترولية من 56.4 مليار إلى 45 مليار دولار، وهو ما يشكل عامل ضغط على صانع القرار الإيراني، لاسيما بعد قرار طهران تعليق الدعم على الوقود والكهرباء والخبز، واعتماد آلية دعم مباشرة لفائدة الأسر المعوزة، وازدياد الضغظ على الجبهة الاجتماعية مع ارتفاع نسب البطالة إلى حوالي 25%، وحاجة إيران إلى 150 مليار دولار لإعادة بعث الصناعة البترولية، وارتفاع الدين الخارجي إلى 20 مليار دولار.كل هذه العوامل تجعل الاتفاق الإيراني الغربي ذا أهمية للاقتصاد الإيراني بعد الرفع من العقوبات والحصار، فالقرار سيدعم الرئيس روحاني قبيل الانتخابات البرلمانية، كما يسمح لإيران بدعم نشاطاتها الصناعية سريعا وصناعتها البترولية، لاسيما مع بداية عودة الانتعاش في 2014 مع أولى قرارات تخفيف العقوبات، على خلفية الاتفاق الانتقالي بين إيران ودول ”5+1”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات