38serv
لم تتشرف الجزائر بتنظيم كأس إفريقيا للأمم، منذ عام 1990، أي منذ القرن الماضي، ولن تتمكن من استضافة أي دورة مقبلة سوى بعد دورة 2023 المقررة في غينيا، بعدما خسرت تنظيم دورات 2019 و2021 و2023 وأيضا دورة 2017 التي جرت، أمس، بالقاهرة فصول منحها إلى الغابون الذي عادت إليه، بعد أقل من أربع سنوات من تنظيمه “الكان “في 2012، وهو ما يطرح علامات استفهام حول طبيعة “الملف” الذي قدمته الجزائر وخرجت به بخفي حنين.تفوق الغابون على الجزائر في ملف احتضان كأس أمم إفريقيا 2017، وصدقت بذلك نبوءة رئيس اللجنة الأولمبية مصطفى بيراف الذي تحدث منذ عدة أسابيع، عن ضياع الملف الجزائري وسقوطه من تنظيم “الكان” المقبلة، ما يؤشر أن المكلفين بالدفاع عن الملف كانوا خارج مجال التغطية، خصوصا وأن الغابون على الورق لا يمثل المنافس الذي لا يقهر أمام الجزائر، لكنه تبين أن الخطاب الرسمي الذي يروج لعودة الجزائر إلى الساحة الدولية ودورها الإقليمي في المنطقة، ليس سوى حديث للسلطة ليس بمقدوره أن يصل بعيدا عن نادي الصنوبر، حيث إقامة مسؤولي الدولة، ولم يصل أي شيء منه إلى هيئة الكاميروني عيسى حياتو التي فضلت الغابون (مبروك عليه) وأدارت ظهرها كليا للجزائر، خصوصا وأن المنافسين الذين بقوا في المنافسة إلى جانب الجزائر (غانا والغابون)، ليسا من أقوى الدول الإفريقية، كما هو شأن نيجيريا وجنوب إفريقيا ومصر.كان يمكن استقبال خسارة الجزائر رهان تنظيم كأس إفريقيا للأمم، بدون أي تأسف أو ندم، لو كان الفائزون من الحجم الثقيل، حتى وإن كان الغابون البلد المدلل دوما لدى باريس في إطار ما يسمى “فرانس أفريك”، والكل يعرف قدرة فرنسا على تحريك الخيوط في إفريقيا، لكن أن تأتي هزيمة الجزائر مع صغار القارة الإفريقية، وفي وقت قدمت السلطة كل التسهيلات الاقتصادية لفرنسا، ومع ذلك تجد الجزائر نفسها في هذه القرعة لتنظيم كأس إفريقيا، مثل الأطرش في الزفة، بعدما كان الجميع على علم، باستثناء الرسميين الجزائريين وفي مقدمتهم الوزير تهمي، أن الجزائر كانت مقصاة من كان 2017 منذ مدة طويلة، بدليل ما اعترف به مصطفى بيراف، قبل عدة أسابيع من موعد القاهرة.بعيدا عن كواليس الرياضة والدفع تحت الطاولة، وما يروج بشأن دور حياتو وعلاقته المتوترة مع زعيم الكرة الحاج روراوة، والعنف في الملاعب ومقتل إيبوسي، في إسقاط ملف الجزائر، فإن هذه “النكسة” تكشف الوجه الحقيقي للجزائر دبلوماسيا في القارة الإفريقية، وفشلها الذريع في التواجد فيما تسميه جوارها وعمقها التاريخي والدبلوماسي والأمني، ويكفي القول منذ متى لم يزر الرئيس بوتفليقة أي دولة إفريقية طيلة 15 سنة في الحكم؟ كيف استطاع المغرب الذي انسحب من الاتحاد الإفريقي في عام 1984، أن يهزم “الكاف” ويسقط عقوبات عيسى حياتو، بينما الجزائر التي تدفع بالعملة الصعبة لميزانية الاتحاد الإفريقي وترأس أعلى هيئة سياسية وأمنية به “مجلس السلم والأمن”، تعجز عن جمع أصوات دول عضوة في “الكاف”، والكل يعلم أن تنظيم مثل هذه الدورات الرياضية تحدده السياسة والدبلوماسية وليس المعطيات الرياضية، بدليل فوز قطر بتنظيم مونديال 2022، رغم مناخها الحار ومحدودية تاريخها الرياضي وعدم تأهلها لأي دورة من دورات كأس العالم منذ نشأتها.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات