38serv
تشهد الأسواق التجارية، قبيل حلول سنة 2018، فوضى كبيرة من احتكار ومضاربة، أرجعه مختصون إلى البنود الواردة في قانون المالية من جهة، وقرار وقف استيراد حوالي ألف منتوج من جهة ثانية، حيث أثر هذا على أسعار مختلف المواد الغذائية، خاصة في ظل غياب المراقبة وإجراءات ردعية ضدّ التجار والممونين، ووعي بين المستهلكين.الجولة التي قادتنا إلى مختلف الأسواق والمحلات التجارية الكبرى جعلتنا نقف على حجم الفوضى الكبيرة التي تعرفها السوق، وانتشار العديد من المظاهر، أولها الارتفاع المفاجئ للأسعار بشكل جعل المواطنين يتساءلون عن السبب، خاصّة وأنّ الارتفاع مسّ المواد محلية الصنع والمستوردة على السواء.ففي محل ببلدية دالي ابراهيم، بأعالي العاصمة، تفقدنا أسعار بعض المواد الغذائية واسعة الاستهلاك، على غرار الحبوب والبقوليات من لوبيا وعدس وجلبانة وغيرها، والتي ارتفع سعرها بنسبة تصل أحيانا الـ10 بالمائة، أي 20 دينارا كاملة، أما العجائن فارتع سعر بعض الأنواع منها بـ5 دنانير، والطماطم المصبرة بـ10 دنانير، والزيت بـ5 إلى 10 دنانير، كما ارتفع سعر الشوكولاطة محلية الصنع والمستوردة بفارق يصل إلى 15 دينارا عما كانت عليه قبل أيام، أما فيما يخص المواد الأخرى المستعملة من طرف العائلات كمسحوق الغسيل فارتفع سعر أحد العلامات المستوردة بـ50 دينارا، فبعدما كان يبلغ 200 دينار صار 250 دينار خلال أيام معدودات فقط!ومن بين المظاهر التي لاحظناها خلال الجولة التي قادتنا إلى عدد من البلديات على غرار دالي ابراهيم والشراڤة وبوزريعة وبني مسوس وحيدرة والأبيار، أيضا الفارق في الأسعار بين محل وآخر قد لا تتجاوز المسافة بينهما بعضة كيلومترات، وهو الفارق الذي يصل أحيانا إلى 15 دينارا لنفس المنتوج!ولدى استفسارنا عن السبب في هذا الفارق من تجار التجزئة، قال أحدهم إن سعر الإيجار الذي يختلف من منطقة لأخرى يجبر التاجر أحيانا على رفع السعر ليس ليربح أكثر، ولكن لكي لا يتعرض للخسارة، أما تاجر آخر ببلدية بئر مراد رايس فقال إنّ السبب يعود إلى طريقة التسويق من تاجر لآخر، بين من يشتري من الممون بشكل مباشر، وآخر يشتري من تاجر جملة، يعني كلما زادت حلقة في عملية البيع والشراء إلاّ وأثرت مباشرة على السعر النهائي للمنتوج.أما المواطنون الذين قابلناهم خلال جولتنا هذه فقد أبدوا استياءهم مما أسموه "جشع التجّار"، حيث حمّلوا تجار التجزئة والجملة معا المسؤولية، مثلما تذكر إحدى السيدات التي قالت إن المواطن الذي يحاول أن يتجنب ارتفاع أسعار الخضر والفواكه يصطدم بارتفاع أسعار المواد الغذائية والتي قالت إنها غير مبررة، خاصة بالنسبة للمنتجات محلية الصنع، فيما أرجع آخر الفوضى إلى نقص الرقابة على التجار، خاصة وأن قانون المالية لسنة 2018 لم يُطبق بعد.ومن بين المظاهر التي طفت إلى السطح خلال آخر أسبوع في سنة 2017، التهافت غير المسبوق للجزائريين على اقتناء مختلف المواد الغذائية، خاصّة تلك المعنية بقرار منع الاستيراد، حتى أن بعض المواد نفدت في ظرف قياسي.ويفسر رئيس جمعية التجار والحرفيين، الحاج الطاهر بولنوار، في تصريحه لـ"الخبر" هذه الظواهر بكونها وليدة فوضى في السوق، ففيما يخصّ الخضر والفواكه قال المُتحدث إنها مرتبطة بقانوني العرض والطلب، وأنها قد تنخفض خلال السنة المقبلة إذا ارتفع الإنتاج، أما اللحوم فقال إن الجمعية لا تتوقع ارتفاعها لأن الإنتاج ثابت، غير أن العجز، حسبه، قد يحدث في شهر رمضان من السنة المقبلة، حيث يرتفع الطلب على هذه المادة، أما بخصوص باقي المواد الغذائية فقال إنَّ بعض الأسباب مبررة على غرار انخفاض قيمة الدينار أو قانون العرض والطلب، أما السبب غير المبرر والذي قد يستعمله بعض التجار لرفع الأسعار هو رفع أسعار النقل والتي لم تطبق بعد، كون أسعار الوقود سترتفع بداية من جانفي المقبل.من جهته قال رئيس منظمة جمعية المستهلكين، مصطفى زبدي: "من لم يُضارب خلال هذه الفترة فلن يُضارب قط"، مفيدا بأن: "قائمة المواد الممنوعة من الاستيراد لا تزال في مخازن التجار، وعليه يمكنهم أن يضعوا التسعيرة التي يرغبون فيها دون حسيب ولا رقيب"، ما يؤدي مباشرة إلى التهاب الأسعار، كما انتقد المتحدث سلوكات بعض المواطنين الذين قال إنهم يُسارعون لاقتناء المواد الغذائية قبيل حلول السنة الجديدة، وهو ما يرفع سعرها أيضا، ودعا المتحدث إلى تكثيف الرقابة وفرض ضوابط للتقليل من جشع المضاربين.من جهته أوضح مصدر مسؤول بوزارة التجارة لـ"الخبر" بأن مصالح الرقابة تقوم بدورها في الميدان من خلال تحرير مخالفات للتجار الذين يثبت ارتكابهم لتجاوزات، مفيدا بأنَّ هذه المصالح سيتم تكثيفها خلال الأيام القادمة، لتفادي رفع الأسعار بشكل جنوني وغير مبرر، وبيع مواد مخزنة منذ 2017 بأسعار السوق في 2018.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات