38serv
إنّ كلّ من أرسله الله تعالى من رسول أو بعثه من نبيّ جاء يدعو قومه إلى توحيد الله تبارك وتعالى وعبادته وحده جلّ شأنه، وكان عنوان ذلك وشعار دعوتهم المشترك دعوة أقوامهم إلى تقوى الله عزّ شأنه، ذلك أنّ تقوى الله تعالى هي جماع كلّ خير، وملاك كلّ برّ، وإذا حلّت في قلب امرئ خضع بلا ريب لآيات الله البيّنات، ولم يحتجّ معها إلى رقيب أو حسيب حتّى يلتزم أمر الله وهديه، قال الحقّ سبحانه: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ}.وهذه بعض الآيات الّتي ورد فيها دعوة الرُّسل الكرام أقوامَهم إلى تقوى الله تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ}، {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ}، {وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، {إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ}، {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ}، {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ}، {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ}، {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ}، {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ}. علّق الإمام القرطبيّ رحمه الله على هذه الآيات الأخيرة بقوله: “وإنّما كان جواب هؤلاء الرّسل واحداً على صيغة واحدة؛ لأنّهم متّفقون على الأمر بالتّقوى، والطّاعة والإخلاص في العبادة”.وإنّ تكرار الأمر بالتّقوى في دعوة الرّسل أقوامهم ليدلّ على أنّه أمر دائم مستمرّ، ومستأنف مع كلّ بعثة نبوية ومع إرسال كلّ رسول لهداية النّاس إلى الصّراط المستقيم، دفعاً لليأس والقنوط أمام عناد النّاس وجحودهم، وتذكيراً لهم بسبيل قلاحهم في الدّنيا ونجاتهم في الآخرة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات