38serv
شاءت الأقدار أن يرحل عنا الرائد الشريف خير الدين إلى الدار الأخرى بعد صراع طويل مع المرض، وبعد مسيرة كفاح امتدت لأزيد من 8 عقود لم يكل فيها الرجل ولم يمل، لإيمان عميق أن هناك في الحياة ما يبرر أن واجبه انتهى مع التباشير الأولى للاستقلال، وأن هناك ما يستدعي أن نناضل من أجله، وأن ما هو آت أكثر مما فات..
آثرت بوسعادة التي لم تنس الرجل الذي اختارها موطنا له على موطنه الأصلي القنطرة ببسكرة، أن ترفع القبعة للرجل بتحية وفاء في ذكرى الأربعينية التي انتظمت أول أمس بمعهد التقنيات الفندقية، بحضور ثلة من رفاق الدرب الذين أبوا إلا أن يسجلوا شهاداتهم عن واحد من المجاهدين الشرفاء الذين سخروا حياتهم لخدمة الوطن، ولم يهنأ لهم بال ولم يستكينوا حتى آخر لحظات عمر طويل امتد لأزيد من 80 سنة. مات طبيب الولاية السادسة، كما كان يحلو له أن ينادى، وفي القلب غصة على رفاق الأمس الذين فرقتهم عنه المصالح والنفوذ والمناصب وغيرها، وهو الذي أنقذ الكثيرين منهم أثناء الثورة بالمتيسر لديه وبالإمكانات التي كانت تحت يديه في ذلك الوقت، مات ونذر غضبا كثيرا ما أتعب القلب، ويأتي من يؤبنه إلى مثواه الأخير من وجه له قبل سنوات قليلة طعنة في الظهر عندما حاول انتزاع حقه الشرعي في ترؤس مؤسسة الولاية السادسة التاريخية، والانقضاض عنها في مؤامرة حيكت بليل ومن وراء الستار. وخلال الندوة التي نشطها الدكتور محمد لحسن زغيدي التي أشرف على تنظيمها الكاتب الصحفي والباحث في تاريخ الثورة الأستاذ ناصر لمجد رفيق المرحوم، أجمع كل من مر على منصة الشهادة في حق الرجل وتحدثوا عن التاريخ النضالي لأمين سر العقيد محمد شعباني والصديق الصدوق والمستشار الخاص للعقيد سي الحواس، على أنه من الصعب أن نوفي الرجل حقه في ندوة واحدة، والرجل يحتاج إلى ندوات وندوات، وهي الشهادات التي غاصت في عمق المسار النضالي لقطب من أقطاب الولاية السادسة، على حد تعبير الرائد عمر صخري الموسوم بأرشيف الولاية السادسة، والذي تحدث عن الجانب الإنساني للمرحوم وبدايات التأسيس لمنظومة صحية مكتملة الأركان أثناء الثورة، في وقت أجمع كل من تعاقب على المنصة، على غرار المجاهد عزيز إدريس والشريف مهدي وآخرون، على تواضع الرجل وخصاله الحميدة وحلمه الكبير، في وقت عرج البعض الآخر على غرار عبد الرحمن شعباني، شقيق العقيد المرحوم العقيد محمد شعباني، عن نقاط ظل كان مغيبة من علاقة الرائد محمد الشريف خير الدين بأخيه، آخر الدقائق التي زامنت لحظة إعدامه في مؤامرة معروفة بعد الاستقلال، وكيف دفع هذا الأخير ثمن الصداقة التي كانت بينهما بعضا من سني حياته في السجن، ومع ذلك لم ينقم ولم يحقد على أحد، قال الكثير ممن قدموا شهاداتهم في حق الرجل الذي عاش بسيطا ومات زاهدا في مغانم الاستقلال.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات