38serv
صنعت الكرة الجزائرية الحدث، مساء أول أمس، بصعود ثلاثة أندية من بطولتها المحلية إلى دور المجموعات من رابطة أبطال إفريقيا لأول مرة في تاريخ هذه المسابقة، إذ لم يسبق منذ بعثها بصيغتها الحالية سنة 1997 وأن عرفت حضور 3 أندية ممثلة لبلد واحد في مثل هذا الدور. وإن اختلفت القراءات والتفسيرات لهذا التألق اللافت للنوادي الجزائرية خلال المسابقات القارية، خاصة وأن ذلك يتزامن مع موجة من الانتقادات التي طالت البطولة المحلية، ووصفها من طرف المحللين والنقاد، وحتى الجمهور، بالضعيفة.إلا أن الأكيد والثابت، هو أن تسيّد وفاق سطيف للقارة الإفريقية كسّر عقدة مركب النقص لدى النوادي المحلية، وجعلها تؤمن بقدرتها على منافسة فرق تونس والمغرب ومصر وغيرها، وتترجم ذلك على أرض الواقع بظفرها في أكثر من مرة بتأشيرة التأهل خارج ميادينها، كما حدث مع مولودية العلمة في ثلاث مناسبات (سان جورج الإثيوبي وأشانتي كوتوكو الغاني والصفاقسي التونسي)، واتحاد العاصمة أمام كالوم الغيني، وقبلها الوفاق أمام مازمبي، وهو ما كاد يفعله أيضا فريق أولمبي الشلف أمام متصدر البطولة التونسية، النادي الإفريقي، في مسابقة كأس ”الكاف”.وضع كرة القدم الجزائرية موجود على طرفي نقيض، فمن جهة صنعت البطولة المحترفة الحدث وشغلت بال ”الفيفا”، وأغلب الأوروبيين، لتقارب مستوى أنديتها، وصعوبة التكهن حول مصير غالبيتها في ظل الفوارق الضئيلة بينها، ما جعلها (البطولة) محل جدل ومحل شكوك أيضا حول حقيقة مستوى ”كبار” الأندية فيها.بينما خطفت الأندية المشاركة، من جهة ثانية، كل الأضواء حين دخلت تاريخ أكبر وأفضل منافسة قارية للأندية من أوسع أبوابها، ونعني بها رابطة الأبطال الإفريقية، ببلوغ ثلاثة أندية دفعة واحدة لدور المجموعات، وهو ما لم يحدث إطلاقا مع أي بلد إفريقي منذ استحداث منافسة رابطة الأبطال في 1997.المفارقة غريبة فعلا، كون الحديث عن ضعف الكرة الجزائرية وانتشار فضائح البيع والشراء لذمم أغلب الفاعلين فيها، قابله في الطبعة المقبلة صعود وفاق سطيف على منصة التتويج، وكان ذلك أيضا حدثا تاريخيا للكرة الجزائرية التي لم يسبق لها، ليس التتويج برابطة الأبطال، إنما بلوغ حتى النهائي، ليضيف الوفاق تاجا آخر على حساب الأهلي المصري، بنيله كأس السوبر التي تجعل منه بطل الأبطال. وإذا كانت المفارقة تستحق النظر فيها والتمعن في جوانبها لمحاولة فهم الظاهرة التي تعيشها كرة القدم الجزائرية، والتأكد إن كانت البطولة الجزائرية ارتقت بمستوى أنديتها إلى مصاف كبار الأندية الإفريقية، أم أن ”أسياد” إفريقيا كرويا تهاوت وتراجعت بمستواها إلى أدنى مستويات الأندية الجزائرية، فإن الحدث الرياضي الحالي يستوجب منّا تقديره ويدعونا إلى تثمينه ومعايشة نشوته، بل إنه إنجاز يقودنا إلى ضرورة الاقتناع بأننا اليوم لا نقل قوة وأهمية من كل الأندية الإفريقية، وبأن الكرة الجزائرية التي تسيّدت إفريقيا وطرقت أبواب العالمية بمنتخبها، وجعلت لنفسها مكانة بين الأمم كرويا، هي اليوم بصدد بسط سيطرتها على مستوى الأندية بترسيخ منطق القوة والأفضلية، بوضع ثلاثة أندية دفعة واحدة في دوري المجموعات لرابطة الأبطال، وهي أندية جزائرية، أطاحت بأقوى الأندية الإفريقية وصنعت لنفسها شخصية الكبار بعودتها من أغلب الأدوار بتأشيرة التأهل من خارج القواعد.الكرة الجزائرية اليوم تتجه بمنتخبها وبأنديتها، على حدّ سواء، إلى تسيّد إفريقيا كرويا لعدة سنوات، ومؤشر تواجد الأندية الثلاثة، بينها حامل اللّقب وفاق سطيف، في دور المجموعات، فالجزائر كرويا أصبحت تتنافس على الألقاب والتتويجات، ولن تكتفي مستقبلا بمجرّد المشاركات.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات