38serv
لم يعرف أي قانون من قوانين الجمهورية تأجيلات متكررة مثل تلك التي عانى منها قانون مكافحة الفساد والوقاية منه، وتكفي العودة إلى الوراء للوقوف على ذلك من دون كثير عناء، على اعتبار أن هذا القانون لم يكن سوى وسيلة لتجميل صورة الجزائر في الخارج، بينما ظلت الممارسات تتفاقم وتمعن في الفساد لأبعد الحدود. يعتبر تعديل قانون العقوبات في شقه المتعلق بتجريم الفعل التسييري على مستوى المؤسسات والشركات العمومية، واحد من الملفات “المهملة” التي ميزت فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، إذ بدأ المسار في عهد وجود الطيب بلعيز على رأس وزارة العدل، وكان هو من قدم تصور الحكومة برئاسة أحمد أويحيى وقتئذ من أجل رفع التجريم عن فعل التسيير الذي جاء في مشروعي تعديل قانون العقوبات والقانون المتعلق بالوقاية من الفساد وحمايته. وبرر بلعيز، على مسمع ومرأى عبد العزيز زياري، رئيس المجلس الوطني الشعبي آنذاك والنواب، أن تعديل المواد الخاصة برفع التجريم عن فعل التسيير لا تعني “الإفلات من القصاص إذا ما أثبتت جريمة أو جنحة فساد ومساس بالمال العام”.
وأشار إلى أن الغرض من التعديل هو “زرع المزيد من الثقة في نفوس الإطارات والمسيرين العموميين لكي يعملوا في كنف الطمأنينة واضعين ثقتهم في الدولة والعدالة”.بتلك العناوين البراقة مر التعديل بسلام، وتم إسقاط صفة الجناية عن قضايا الفساد، التي كانت ترتب حسب المبالغ المختلسة، حيث تم مسح جنح التسيير في كل العدة التشريعية للبحث عن نصوص تعيق القائمين على تسيير القطاع العمومي في أداء مهامهم أو تشكل خطرا حقيقيا في مساءلتهم ومتابعتهم جزائيا.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات