38serv
يحكي الفيلم قصة القناص الأمريكي كريس كايل (تمثيل برادلي كوبر) الذي يرسل إلى العراق في أربع مهمات متلاحقة لقنص مسلحين من تنظيم “القاعدة” بمن فيهم “أبو مصعب الزرقاوي”، لكنه لا يفرق بين “القاعدة” وبين أي مواطن عراقي، فيقتل من العرب العراقيين نحو 255، من بينهم 160 أكدت وزارة الدفاع حقيقة مقتلهم بواسطة القناص كايل. لايزال فـيلم “القناص الأمريكي” الذي أخرجه “كلينت إستوود” السنة الماضية يثير ردود أفعال مستنكرة ورافضة، تسير جنبا لجنب مع المواقف الممجدة، فقد حدثت فـي جامعة “ميشيغن” بمدينة “آناربر” وجامعة شرق ميشيغن فـي “لانسينغ”، الأسبوع الماضي، خلافات استحوذت على الرأي العام الأمريكي، بعد معارضة جماعات طلابية عرض الفـيلم المتحيز ضد العرب فـي الحرم الجامعي. وكان الفيلم قد تعرض لجملة من الانتقادات، إذ اعتبر الكثير بأنه يروّج لمفهوم السلاح وحمله في وجه أي كان لحماية “الأرض الأمريكية المباركة”، “المصطفاة والخيرة”، كما أنه يصور الأمريكي كشخص يتوجس من حوله، ويدعم الدستور الأمريكي الذي يضمن حمل السلاح من أجل حماية النفس، وهي الفكرة التي دافع عنها عدد كبير من ممثلي هوليوود المنتمين للتيار المحافظ، وعلى رأسهم الممثل الراحل “شارلتون هيستون”.واستند كلينت إيستوود على قصة وكتاب كريس كايل، القناص الأكثر دموية فـي تاريخ الجيش الأمريكي المهووس بمحاربة “الشر” حتى خارج الديار، والذي شارك فـي العدوان الأمريكي على العراق العام 2003، فصور العراقيين على أنهم “إرهابيين”، يهددون سلامة العرب والمسلمين الأمريكيين، وهو الأمر الذي أاعتبر بمثابة “روح صليبية” جديدة روّج لها المخرج الأمريكي الأكثر شهرة، المعروف بتفضيل النظرة “المانوية” التي تترجم خضوع الإنسانية لمبدأ الصراع بين الخير والشر، رغم انحيازه الظاهر للجندي الياباني، عدو أمريكا السابق، إذ أظهر وجهه الإنساني والبطولي في فيلم “رسائل ايوجيما”، فقدم صورة للحرب العالمية الثانية من زاوية العدو الذي لم يعد ذلك “المهووس والمتوحش”، وهو طرح فريد ونادر من نوعه في تاريخ السينما الأمريكية المهووسة بخدمة صورتها على حساب صورة الآخر.ويحكي الفيلم قصة القناص الأمريكي كريس كايل (تمثيل برادلي كوبر) الذي يرسل إلى العراق في أربع مهمات متلاحقة لقنص مسلحين من تنظيم “القاعدة” بمن فيهم “أبو مصعب الزرقاوي”، لكنه لا يفرق بين “القاعدة” وبين أي مواطن عراقي، فيقتل من العرب العراقيين نحو 255، من بينهم 160 أكدت وزارة الدفاع حقيقة مقتلهم بواسطة القناص كايل.ومن بين الانتقادات التي وجهت للفيلم، أنه يصور العراقيين “كمجموعة من الخونة والقتلة” وكطرف “شرير” و”غدار”، إلى درجة أنهم يدفعون الجنود الأمريكيين بتصرفاتهم المشينة والدموية للانتقام لزملائهم الجنود الذين قتلوا في ساحة القتال بشكل لا يقل همجية، فوصفه النقاد عبر العالم بأنه فيلم عنصري، علما أن كلينت استوود ينتمي سياسيا للحزب الجمهوري وليس للحزب الديمقراطي، كما هو الحال مع كثير من المثقفين الأمريكيين. وصور في عدد من أفلامه السابقة، بالأخص أفلام “الويسترن”، تاريخ أمريكا من زاوية المنهزم الجنوبي، خلال الحرب الأهلية بين 1860 و1865.وأوجد فيلم “القناص الأمريكي” جملة من ردود الأفعال السيئة من المشاهدين الأمريكيين على وسائط التواصل الاجتماعي، لعل أشهرها ذلك الأمريكي الذي كتب ما يلي بعد مشاهد الفيلم: “إن هذا الفيلم ولد عندي الرغبة بقتل بعض العرب”، كما حظي بالعديد من الإطراءات من غلاة اليمين الأمريكي الذين تخدمهم الطريقة التبسيطية والعنصرية لطرح كلينت استوود الذي ظل وفيا لمنطق “الكوبوي” و”المفتش هاري” الذي يستعمل القوة والعنف بشكل مفرط من أجل حماية “نمط العيش الأمريكي”. وفي”القناص الأمريكي”، قدم إيستوود العجوز البالغ خمسة وثمانين عاما، صورة كوبوي معاصر، يعرف نفسيته معرفة دقيقة، فهو لا يمتطي الجواد، ولا يعتمر القبعة، ولا يتفنن فن إطلاق النار من سلاح “كولت”، بل ببندقية حديثة لا تخفق التصويب.وبهذا الفيلم، يكون إستوود قد أرجع هوليوود مرة أخرى إلى إسلاموفوبيا اختفت خلال السنوات الأخيرة، وانتقلت إلى أوروبا، ورفع من حدة الكراهية والحقد في أوساط الأمريكيين.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات