38serv

+ -

أهمل كثير من المسلمين اليوم تعلُّم فقه المعاملات المالية، وأغفلوا هذه الناحية وأصبحوا يتعاملون بالحرام ولا يُبالون بأكل الحرام مهما زاد الربح وتضاعف الكسب، وهذا خطأ كبير يجب التنبه إليه. لذا، كان واجبًا على كلّ مَن يتصدّى للبيع والشراء والكسب أن يكون عالمًا بما يصحّحه ويفسده، لتقع معاملته صحيحة وتصرّفاته بعيدة عن الحرمة والفساد.إنّ معرفة أحكام البيع أصبحت ضرورية للإنسان؛ ليتميّز له المباح من المحظور ويطيب له كسبه ويبعد عن الشّبهات بقدر الإمكان، وبذلك يفوز بثقة النّاس ورضا الله تعالى. وإنّ الإمام عليّ رضي الله عنه كان يجيء إلى البزّازين فيقول: “يا معشر التّجار لا تنقصوا من ذراعكم ولا تبخسوا النّاس أشياءهم ولا تكذبوا في شريتكم وبياعتكم فمَن فعل شيئًا ممّا نهي عنه عوقب على ذلك بحبس أو ضرب بعد ما يؤخذ لصاحبه الحقّ”. وكان يأتي إلى أصحاب الحبوب فيقول: “لا تبخسوا مكاييلكم وأوزانكم ولا تغشوها”. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدخل السوق وينادي على التّجار: “لا يبع في سوقنا إلّا مَن تفقّه في الدّين”. وقد ثبت عنه رضي الله عنه أنه كان يسير في الأسواق ويسأل التاجر عن الرِّبا وكيف يُدخل على سلعته وكيف يتّقيه فإن أجابه أبقاه وإلّا أخرجه من السوق قائلًا له: “لا يبع في سوقنا مَن لا يفقه وإلّا أكل الرّبا رضي أم أبى”. والإخراج بلغة العصر يعني سحب السجل التجاري والبطاقة الضريبية وسجل المصدرين وسجل المستوردين وغير ذلك، ممّا يعني إنهاء الحياة الاقتصادية للمنشأة.كما جاء رجل إلى عليّ بن أبي طالب وقال له يا أمير المؤمنين: إنّي أريد التجارة فادعو الله لي، فقال الإمام عليّ: “أَوَ فَقِهْتَ في دين الله؟” قال الرّجل: أو يكون بعض ذلك؟ قال الإمام عليّ: “وَيْحَك الفقه ثمّ المتجر فإنّ مَن باع واشترى ولم يفقه في دين الله ارْتَطَمَ في الرِّبا ثمّ ارتطم”.وقال الإمام الغزاليُّ رحمه اللهُ :«كما أنَّه لو كان هذا المسلمُ تاجرًا وقد شاعَ في البلدِ معاملةُ الرّبا، وجبَ عليهِ تعلُّمُ الحذرِ من الرّبا، وهذا هو الحقُّ في العلمِ الّذي هو فرضُ عيْنٍ، ومعناه العلمُ بكيفيةِ العملِ الواجب”.ومن تلك القواعد الّتي وضعها علماء الشّريعة الإسلامية لتكون قواعد عامة للمعاملات المالية: الأصل في الأشياء الإباحة حتّى يدلّ الدّليل على التّحريم، وفي الحلال ما يغني عن الحرام، وما أدّى إلى الحرام فهو حرام، والنّية الحسنة لا تبرّر الحرام، والضّرورات تبيح المحظورات...ففتح باب الحلال على كلتا مصراعيه ليكون طريقًا إلى السّعادة في الدّنيا والآخرة، وأغلق منافذ الحرام كي لا يكون الشّقاء في الدّارين، فنهى عن الجهالة والرّبا والغَرَر والظّلم، كما قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}، وقال: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: “مَن نبتَ لحمُه من سُحتٍ، النَّارُ أولى به”.ونحن في هذا العصر بحاجة إلى تعلُّم فقه البيع والشّراء، كي لا نقع في المحظور، فصور البيع قد تطوّرَت تطوّرًا سريعًا عمّا كانت عليه، خاصة مع النّهضة الصناعية والتكنولوجية الحديثة، لذلك: رُويَ أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يطوف بالأسواق ويضرب بعض التجار بدرته ويقول: “لا يبع في سوقنا إلّا مَن يفقه، وإلّا أكل الرّبا، شاء أم أبى”. وقال الإمام الحطاب: “باب البيع ممّا يتعيّن الاهتمام بمعرفة أحكامه لعموم الحاجة إليه إذ لا يخلو مكلّف غالبًا من بيع أو شراء، فيجب أن يعلَم حكم الله في ذلك قبل التلبّس به”.لذلك كان لزامًا على المسلمين بصفة عامة، وعلى التجار ممّن يمارسون عملية البيع والشّراء بصفة خاصة، تعلّم فقه المعاملات المالية، لأنّ دراسة وفهم الضّوابط الشّرعية للمعاملات المالية ضرورة شرعية وواجب على كلّ مسلم ومسلمة يعمل في هذا المجال، باعتبار أنّ ما لا يَتِمُّ الواجب إلّا به فهو واجب.خصال خمس إذا ابتليتُم بهنّ!

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات