صور بوتفليقة توفر شروط تفعيل المادة 88

+ -

 بذل “مقربو الرئيس” جهدا مضنيا للإقناع بأن عبد العزيز بوتفليقة تعافى من مرضه، وأنه قادر على الترشح لعهدة رابعة. لكن الصورة التي ظهر عليها بمجلس الوزراء، الأربعاء الماضي، قدمت الشروط النموذجية لتفعيل المادة 88 من الدستور، لأن بوتفليقة عاجز وبوضوح عن أداء مهامه كرئيس للجمهورية.خلّف المشهد العام لاجتماع مجلس الوزراء ومراسيم التوقيع على قانون المالية، حقيقة يحاول محيط الرئيس القفز عليها دون جدوى. هي أن الدولة مصابة بالوهن بسبب مرض الرئيس، وبسبب إصراره على البقاء في الحكم وهو عاجز عن الوفاء بأعبائه. فمن منظار قانوني وسياسي، يمكن الجزم بأن سابع رؤساء الجزائر توقف عن أداء وظيفته منذ 27 أفريل 2013، وتشهد على ذلك المادة 70 من الدستور.تتضمن المادة جملة مركزية هي “يجسد رئيس الجمهورية الدولة داخل البلاد وخارجها”. وصور الرئيس الأخيرة تثبت أن ذلك مستحيل عليه. المادة تتضمن أيضا جملة هامة هي “له أن يخاطب الأمة مباشرة”، وبوتفليقة لا يقوى منذ 8 أشهر على التوجه بخطاب للجزائريين. أما أن ينزل إليهم للقائهم، فتلك ممارسة مستحيلة، وأشد المتزلفين له يعلمها جيدا. بمعنى آخر، انقطعت صلة بوتفليقة بشعبه منذ أن توقف عن سماع صوته، وهذه حقيقة لا تستطيع “جماعة الرئاسة” إخفاءها.وبما أن محيط الرئيس يدري بأن الوزير الأول لا يمكن أن يخاطب الأمة بدل بوتفليقة، فقد اجتهد في طريقة لسدّ الفراغ الذي تركه غيابه، تتمثل في تنظيم نزول ميداني مكثف للميدان من طرف سلال والوزراء. أدوات سد الفراغ استعملها سلال في كل الولايات التي زارها، وهي “متابعة تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية”، و«الرئيس يعطي أوامر والحكومة تسهر على تطبيقها في الميدان”، وغيرها.. ولكن هذا التصرف في إدارة شؤون البلاد يعتبر بدعة شبيهة بـ«الجلسات الرمضانية”، فالرئيس الحالي لم يذكر أبدا في البرنامج الذي “انتخب” على أساسه ثلاث مرات، أنه يفوّض رئيس الحكومة (وبعده الوزير الأول) لمتابعة تطبيق برنامجه في الميدان! أما الحقيقة، فهي أن خروج سلال المكثف إلى الولايات هو لإعطاء الانطباع بأن مؤسسات الدولة تسير، والهدف هو تسيير المرحلة الحالية حتى نهاية العهدة الثالثة، تفاديا لتفعيل المادة الدستورية التي تؤرق “جماعة الرئاسة” و«شبكة الولاء”.ولما جاء بوتفليقة إلى السلطة في 1999، أقسم في اليمين الدستورية على “توفير الشروط اللازمة للسير العادي للمؤسسات”. وعاود القسم مرتين أخريين. وبما أن مجلس الوزراء هو “بارومتر” نشاط السلطة التنفيذية، فتذبذب انعقاده، ثم تعطّله بشكل كامل في السنوات الماضية، دليل على عجز رأس هذه السلطة عن أداء وظيفته الدستورية. فهل يستطيع مجلس الوزراء في اجتماعين، خلال عام واحد (2013)، مناقشة كل المشاكل التي عرفتها البلاد والبحث عن حلول لها؟وتعكس هذه الطريقة في التصرف في شؤون بلد يسكنه 40 مليون شخص، “قداسة الشخصية” لدى عبد العزيز بوتفليقة الذي اختزل الدولة فيه، فهو يفضّل مصلحته الشخصية ومصالح المنتفعين من سنوات حكمه، على مستقبل أمة بكاملها. هو يفضّل أن يبقى مصير البلد معلقا على نبضات قلبه ومشدودا إلى تطورات حالته الصحية، على أن يتنحى ويترك مؤسسات البلاد تسير بطريقة عادية. وبما أن أركان النظام الذين اختاروه رئيسا، موافقون على إرضاء هذه النزوة لديه، فهم منتفعون حتما من حكمه ويرون أنه من مصلحتهم “مجاراته” حتى تنتهي عهدته.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: