لمّا وليّ الخلافة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وفدت الوفود من كلّ بلد لبيان حاجتها وللتّهنئة، فوفد عليه الحجازيون فتقدّم غلام هاشمي للكلام وكان حديث السن.فقال عمر: لينطق مَن هو أسنّ منك. فقال الغلام: أصلح الله أمير المؤمنين، إنّما المرء بأصغريه: قلبه ولسانه، فإذا منح الله عبدًا لسانًا لافظًا وقلبًا حافظًا استحقّ الكلام وعرف فضله مَن سمع خطابه، ولو أنّ الأمر يا أمير المؤمنين بالسن لكان في الأمّة مَن هو أحقّ بمجلسك هذا منك. فقال عمر: صدقت، قُل ما بدا لك. فقال الغلام: أصلح الله أمير المؤمنين: ونحن وفد تهنئة لا وفد مرزئة، وقد أتيناك لمنّ الله الّذي مَنّ علينا بك، ولم يقدمنا إليك إلّا رغبة ورهبة. أمّا الرّغبة فقد أتيناك من بلادنا، وأمّا الرّهبة فقد أمنّا جورك بعَدلك.فقال عمر: عظني يا غلام. فقال: أصلح الله أمير المؤمنين، إنّ ناسًا منَ النّاس غرّهم حِلم الله عنهم وطول أملهم وكثرة ثناء النّاس عليهم، فزلّت بهم الأقدام فهووا في النّار. فلا يَغرَنَّك حِلم الله عنك وطول أملك وكثرة ثناء النّاس عليك، فتزلّ قدَمك فتلحق بالقوم. فلا جعلك الله منهم وألحِق بصالحي هذه الأمّة. ثمّ سكت. فقال عمر: كم عمر الغلام؟ فقيل له ابن احدى عشرة سنة، ثمّ سأل عنه فإذا هو من ولد سيّدنا الحسين بن عليّ رضي الله عنهم، فأثنى عليه خيرًا ودعَا له.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات