+ -

 سجل من تابع آخر نشرة نقلت اجتماع مجلس الوزراء، كيف أن الرئيس بوتفليقة أضحى عاجزا عن رسم ابتسامة على وجهه، وهو الغائب بالصوت عن الشعب منذ أكثر من عام. وإن ظهر علنا، يكون في وضعية الجلوس. فالرئيس مريض، ولم يعد مجهود محيطه ليحافظ على رمزية “البروتوكول” أمام الرأي العام، كافيا ولا مقنعا.إن كانت السنة الجديدة انطلقت، والتعاليق ساخنة حول صحة الرئيس، فذلك لأن الجزائريين يتطلعون إلى ما بعد رئاسيات أفريل. ويتساءلون، كيف سيتم التعامل مع الموعد. وما إذا كان للطبقة السياسية القدرة على تجاوز العقبات والتحديات، أم يكون ما بعد أفريل نسخة مكررة لما سبقه من تجارب انتقالية؟ما يجمع رؤساء الجزائر، أنهم لم يأتوا بإرادة الصندوق. لهذا سهل “التلاعب” بهم.. تعاقبوا على الحكم، وتركوا ذكريات عن خصالهم، لكنهم لم يتركوا ما يؤدي إلى تغيير طبيعة النظام.واليوم، عشية رئاسية أفريل، يتجدد السؤال، هل يريد الرئيس البقاء على الرغم من مرضه؟ وإن انسحب، هل يأتي رئيس قوي قادر على تغيير طبيعة النظام، حيث يسود القانون على النفوذ. وحيث تكون الأولوية للمؤسسات قبل المنصب؟فالتحدي القادم ليس جديدا. ويذكر بفشل انتقال الجزائر إلى التصالح مع “الذات”، بعدما تم تعفين “الهوية” بكل ما يوحي إلى مخاطر “التمزيق والتشتيت أو التفتيت” للمجتمع. في وقت يشكو المجتمع من مرض يصرّ السياسي على رفضه. ولو كانت طبيعة النظام الجزائري تستند على شرعية دستورية وشعبية، لأصبحت قضية انتخاب الرئيس قضية عادية. لكن ما ندركه، من خلال التجارب السابقة، أن المتحكمين بلعبة التعيين وتنظيم الانتخابات، يحددون اختيارهم وفق قياسات محددة بالزمن وطبيعة التوازن. يبحثون ويأتون بسائق ظرفي، لزمن ظرفي، ببرنامج عنوانه “مرحلة انتقالية”.فالتحدي القادم ليس جديدا. فهو يذكر بفشل برامج انتقال سابقة في تجاوز عقبة عدم الثقة بالنفس وفي القدرات وفي المستقبل.بوتفليقة الرئيس، هو اليوم عند البعض بطل السلم، ورمز الرخاء. وغدا، أو بعد غد، كيف سيكون حكم التاريخ على رئيس يحمل على كتفيه مسؤولية سير مؤسسات بلد؟ هل ستمتلئ القاعات، وتنظم المهرجانات لتحية رئيس سابق؟ أشك في ذلك. لقد ذاق من الكأس رؤساء حكموا البلاد. أولهم بن بلة، ثم الشاذلي فزروال.عاشوا ليروا كم هي قبيحة تلك الصور.. صور الموالاة، والانحناء، والتزلف. عاشوا وعرفوا ما كانت تخفيه قناع الابتسامة والتأييد. وسجلوا بأسى، كم هي مريرة الحقيقة.ولم يعش بومدين ليرى كم هي خاوية قاعة ملتقى سنوي واحد ينظم في ذكرى وفاته. قاعة خاوية من “الرفاق والأصدقاء”، كانوا بالأمس يتسابقون أمامه في مدحه.الجزائر هي في حاجة إلى نظام تكون طبيعته احترام التاريخ من دون تلوين أو تحريف. هي في حاجة إلى نظام يقدر ويحترم الإرث بما حمل، ويتطلع إلى مستقبل ذي أفق. ليس بالأمر السهل تجاوز “ثقافة” التخطيط للمستقبل في الدهاليز المظلمة. وقياسا بالتجربة الجزائرية والعربية، لا نعثر على نموذج سليم صحيح يخدم مصالح الشعوب. ربما الاستثناء الوحيد يأتينا من تونس في طريقة ترتيب الاختلاف وتنظيم الخلافات. إن ما أتى به الغضب العربي، أدى إلى تغيير أسماء الحكام، وإلى تغيير أشكال القناع، وإلى بناء تحالفات غير طبيعية بين قوى تدعو إلى الديمقراطية، وتدعو في الوقت نفسه إلى  سحق خصومها بالدبابة والسلاح. لهذا، نجد أن  المشكلة اليوم مضاعفة. لأن أدوات التغيير زادت في الابتعاد عن القرار الوطني، ومواجهة هذا الواقع يتطلب وقفات استثنائية من قبل الطبقة السياسية[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: