38serv
أكّد المؤتمر الدولي "الأخوة الإنسانية.. لتعزيز الأمن والسلام" على أهمية تعزيز قيم الأخوة الإنسانية باعتبارها أهم ركائز تحقيق السّلام العالمي والوئام المجتمعي.وطالب المؤتمر الّذي نظمته رابطة العالم الإسلامي في العاصمة الكرواتية زغرب تحت رعاية وحضور رئيسة جمهورية كرواتيا السيدة كوليندا غرابار كيتاروفيتش؛ بسن التشريعات اللازمة لتجريم كلّ أساليب وممارسات الكراهية والعنصرية والتهميش والإقصاء باعتبارها جريمة بحقّ الإنسانية والوطن والفرد والجماعة، داعيًا إلى إنشاء مركز عالمي للتواصل الحضاري يكون مقره مدينة زغرب ليكون جسرًا للتّعارف والحوار والتّفاهم والتّعاون بين كافة مكوّنات المجتمع الإنساني ومكانًا حاضنًا للمبادرات ذات الصلة بتعزيز القيم الإنسانية والمجتمعية وردم الفجوات الدّينية والثقافية والعرقية.وكانت رئيسة جمهورية كرواتيا دشّنَت فعاليات المؤتمر الدولي، الذي نظمته الرابطة، بالتعاون مع المشيخة الإسلامية في كرواتيا والأبرشية الكاثوليكية الكرواتية مع تمثيل رسمي من دولة الفاتيكان ممثلاً في المجلس البابوي للحوار، إلى جانب حضور رئيس الوزراء ورئيس البرلمان وعدد من الوزراء والبرلمانيين الكرواتيين وأركان الجيش وعمدة العاصمة، وطيف واسع من القيادات السياسية والدّينية والفكرية حول العالم وأئمة وممثلي الجمعيات الإسلامية في "دول البلقان"، وكبار القادة الدّينيين من مختلف الأديان.وقالت الرئيسة كوليندا غرابار: "إنه لشرف خاص لي رعاية مؤتمر يحمل عنوان "الأخوّة الإنسانية"، فهذه المبادرة من رابطة العالم الإسلامي بالتّعاون مع الأبرشية الكرواتية والمشيخة الإسلامية الكرواتية فرصة مهمّة لنا جميعًا لبناء عالم تسوده المحبّة ويقوم على الأخوة"، مضيفة أنّ "الله خلقنا متنوّعين في ثقافاتنا وأدياننا وأعراقنا وغيرها، حتّى يتسنّى لنا التّعاون في خدمة الإنسانية، وانطلاقًا من هذه الوحدة الإنسانية الّتي أرادها الخالق، فإنّ معاناة كلّ إنسان هي في الحقيقة معاناة للإنسانية جمعاء".ونوّهت كيتاروفيتش بالحضور الإسلامي الإيجابي في كرواتيا، مؤكّدة أنّهم أثبتوا في كلّ المراحل والمنعطفات والتّحديات انتماءهم للدّائرة الوطنية الكرواتية بغضّ النّظر عن انتمائهم القومي أو أيّ انتماءات أخرى، داعية إلى تعزيز "قيم الحوار والاحترام في مجتمعاتنا لكي لا نتحوّل إلى جزر معزولة تقودها المادية وغياب الضمير والانانية"، مختتمة كلمتها بالقول: "الله لا يطلب منّا المستحيل بل أن نعمل للآخرين ما نعمله لأنفسنا".من جانبه، دعا الشيخ الدكتور محمد العيسى إلى "التفاف حقيقي حول قيم الأُخوة الإنسانية" الّتي تلغِي الحواجز السّلبية وتردم فجواتها، وتبني في المقابل الجسور وتُسهّل الحوار والتّفاهم والتّعاون، وتُقوّي من عزيمتنا للعمل على مشتركاتنا الّتي تُمَثل قانوننا الطبيعي الموحَّد، مؤكّدًا أنّ الإنسانيةُ تمتلك قيمًا مشتركة تكفيها لإحلال السّلام والوئام في عالم اليوم، ونبَّه على أنّ مشتركات المحبّة والتّعايش والسّماحة والتّسامح تُصبح أقرب وأقوى وأكثر مسؤولية عندما تكون مشتركًا وطنيًا، مع قوّة وأهميّة مشتركنا الإنساني بوجه عام.وشدّد الشّيخ العيسى على أنّ عالم اليوم سيكون أكثر وعيًا إذا استفاد من عظة التاريخ الّتي تدعوه إلى خيار الحكمة المتمثّل في الحوار الإيجابي والفعَّال في كافة الموضوعات، مع العمل دومًا على تعزيز الاحترام المتبادل، والتّأكيد في هذا على أهمية تفعيل قيَم المحبّة والسّماحة والتّسامح، مع استيعاب الطبيعة الكونية في حتمية الاختلاف والتنوّع والتعدّد بين البشر. وأضاف: "لا بدّ أن يكون تَنوُّعُنا الإنساني في إطاره الإيجابي، وإذا كان كذلك فسيُصبح مصدر إثراء كبير وشامل فوحدة وقوّة عالمنا في ذلك التنوّع"، مضيفًا أنّ "الدول المتحضرة تفتخر بتنوّعها الّذي يُعَزِّز من قوّتها ويَزيدها مناعة، لكن بشرط أن تكون حَذِرَةً من أيِّ تدخّلٍ يستهدف أيًّا من مكوّناتها الوطنية بدافع ديني أو إثني أو غير ذلك.ولفت الأمين العام إلى حرص رابطة العالم الإسلامي وباسم آلاف العلماء والمفكرين المسلمين وملايين الشّعوب الإسلامية المنضوية تحت مظلّتها على منع تصدير الاجتهادات الدّينية خارج ظرفيتها المكانية؛ وذلك لأنّ لكلّ بلد صيغتَهُ الدّينيةَ الاجتهاديةَ الّتي تناسب ظرفيته الخاصة، كما أكّدنا على ضرورة احترام دساتير وقوانين وثقافة البلدان الّتي نعيش أو نقيم على أراضيها، وأنّ المطالبة بالخصوصية الدّينية تتمّ وفق الإجراءات القانونية".وتطرّق د. العيسى إلى "مبادرة الصّداقة والتّعاون بين الأمم والشعوب.. من أجل عالمٍ أكثرَ تفاهمًا وسلامًا، ومجتمعاتٍ أكثرَ وئامًا واندماجًا"، وقال: "لقد أطلقنا هذه المبادرة وقمنا بتفعيلها مباشرة ببرامج عملية مع شركائنا حول العالم من جميع الأديان والثقافات"، مؤكّدًا أنّ أساس هذه المبادرة يرتكز على المبادئ الإنسانية المشتركة ولاسيما قيَم عدالتنا الّتي لا تزدوج معاييرها مطلقًا.وشدّد أمين عام رابطة العالم الإسلامي قائلًا: "من المهم ألّا يقتصر قادة الأديان على مخاطبة الرّوح والعاطفة فحسب، بل عليهم أن يخاطبوا "المنطق" و"الواقع" ليُسهموا بفاعلية في سلام عالمهم ووئام مجتمعاتهم".واختتم المؤتمر بإعلان زغرب والّذي دعا المؤسسات الفاعلة والمؤثرة في المجتمع الدولي والداخل الوطني إلى تعزيز مفاهيم الأخوة الإنسانية والوطنية، وتعميق المشتركات الجامعة، والتّعاون في مواجهة كافة التّحديات، وتحويل المبادرات الإيجابية إلى برامج عملية مؤثرة.وحثّ إعلان زغرب القادة الدّينيين إلى الإسهام الفاعل في التّصدّي للمظاهر السّلبية العابثة بالسّلم والأمن الدولي والمجتمعي، مع العمل على استثمار الرّصيد الرّوحي والقيمي للدّين بتعزيز ثقافة السّماحة والتّسامح والثقة بالآخر. طالبًا الفعاليات الأممية والوطنية بتغليب مصلحة السّلم والأمن العالمي والمجتمعي، والتّسامي على المصالح الضيّقة، والبُعد عن خطاب العنصرية والكراهية ضدّ أيّ دين أو عرق أو إثارة النّعرات التاريخية الّتي هي في ذمّة أصحابها.ودعا إلى تعزيز قيم العدالة المجتمعية واحترام التنوّع الدّيني والثقافي والإثني، ونبذ الإقصاء والتّهميش باعتبار ذلك مدخلًا مهمًاً لحلّ النّزاعات الدّينية والطائفية والاجتماعية، والتخلّص من التّحريض والكراهية والتّخويف غير المبرّر من الآخر، مع دعوة شركاء الوطن الواحد إلى تعزيز الثقة بين مكوناته المختلفة، ودعم مبدأ "الوحدة في التنوّع"، ودعوة المؤسسات التعليمية إلى تعزيز القيم الإنسانية والوطنية في وجدان الأطفال وصغار الشّباب من خلال مناهج دراسية تفاعلية تخاطب "الوجدان" و"المنطق" معًا، وتحفّز الشّعور الإنساني والوطني بكافة قيمه، وتعمل جنبًا إلى جنب مع "الأسرة" لصياغة عقول الأجيال القادمة صياغة سليمة.كما طالب بتمكين المرأة من خلال تعزيز دورها الكامل والمساواة العادلة بينها وبين الرجل، باعتبار ذلك حقًّا مشروعًا ينطلق من المفهوم الحقيقي لمعنى الأخوة الإنسانية بشراكاتها الفاعلة.تجدر الإشارة إلى أنّ الفعاليات الدّينية في كرواتيا، كرّمت الرئيسة كوليندا غرابار كيتاروفيتش، والدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، لجهودهما في تعزيز التّسامح والسّلام، بحضور نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات