الرئاسيات تحدث ”ستاتيكو” في نظام يفتقد للرغبة في التغيير

+ -

 عاد عبد العزيز بلخادم مجددا إلى الساحة من بوابة الأفالان الذي سحب منه الثقة، وهي عودة وإن كانت رسالتها الأولى تفيد أن الأمين العام السابق للحزب العتيد جاء ليشهر ولاءه لرئيس الجمهورية بعدما اتهمه خصومه بالطموح لخلافة بوتفليقة، وهو ما كلفه الخروج من الباب الضيق للحزب في وقت سابق، غير أن حضوره يعكس بطريقة أو بأخرى رغبة داخل النظام برفض التغيير في كل المستويات.صحيح أن تواجد بلخادم في القاعة البيضاوية جاء تلبية لدعوة تلقاها من عمار سعداني الأمين العام للحزب الذي كان يريد من ورائها تقوية جناحه المتهاوي تحت ضربات أنصار بلعياط وعبد الكريم عبادة، لكن كان بمقدور بلخادم عدم الحضور، وهو الذي رفض الكثير من الدعوات التي وجهت له في وقت سابق، وفي مقدمتها غيابه عن دورة الأوراسي واكتفاؤه بتوكيل من ينوب عنه، ما يعني أن حرصه على حضور تجمع شعبي للحزب كان بغرض تمرير رسالتين، إحداها شخصية ليجدد من خلالها الولاء للرئيس عبد العزيز بوتفليقة وينزع عنه التهمة الملصقة به عن رغبته في خلافة بوتفليقة، والثانية تخص ترتيب عودته إلى الحزب في سياق عدم رغبة النظام التوجه بجدية نحو التغيير، وهو أحد الأسباب المسوقة يومها. فيما لحق بقيادات التحالف الرئاسي، حيث دفع أحمد أويحيى للاستقالة من الأرندي وسحبت الثقة من بلخادم وامتنع أبو جرة سلطاني عن الترشح لرئاسة حركة مجتمع السلم، بعدما كانت هذه الوجوه الثلاثة تمثل واجهة الحكم. وإن عاد أويحيى الحاضر الغائب في المؤتمر الرابع للأرندي من خلال التصفيق الحار الذي حظي به من قبل المندوبين وضمان مكانته في تركيبة المجلس الوطني للحزب بامتياز مقارنة بخصومه، وظهور أبو جرة سلطاني مجددا ولو من خلال تصريحات عن استعداده للترشح للرئاسيات إذا رشحته حمس، فإن عودة بلخادم لحضور نشاطات حزبه بعدما اعتكف لقرابة عام في بيته بعيدا عن الأضواء، تمثل مؤشرا لا يمكن المرور عليه مرور الكرام، بأن النظام لا يريد ”التغيير” على الأقل في هذا التوقيت بالذات، وفي ذلك علاقة بالانتخابات الرئاسية المقبلة، حيث تتجه الأمور نحو تكريس الوضع الحالي المتأرجح بين الدستور والعهدة الرابعة، بالرغم من صعوبة تنفيذ ذلك عمليا بسبب مرض الرئيس وعدم قدرته على الحركة.فحالة التشرذم التي دخل فيها الأفالان، وهو الحزب الذي كان مثل قطعة الإسفنج يمتص كل تناقضات النظام منذ الاستقلال لكونه ظل يهيمن على البرلمان والمجالس المحلية، لا يوجد اليوم في الوضع الذي يسمح له باحتواء أي اهتزازات مهما كانت بسيطة، فما بالك بملف ثقيل مثل الرئاسيات الذي يغيب فيه التوافق الفعلي منذ 1999، ما نتج عنه تصدعات ليس فقط في الأحزاب والتنظيمات وإنما داخل هرم الدولة ككل، وهو ما يجسد حالة ”ستاتيكو” التي دخلت فيها البلاد قبل 3 أشهر من موعد الانتخابات الرئاسية دون أن يتضح أي شيء لا عن بقاء بوتفليقة أو تقاعده، ولا عن المرشح لخلافته من رؤساء الحكومات السابقين أو الحاليين.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات