رغم حرص بيان رئاسة الجمهورية على ما وصفه بـ“فحص روتيني مبرمج منذ مدة”، في إعلانه عودة الرئيس بوتفليقة إلى مستشفى فال دوغراس، غير أن ذلك ليس من شأنه سوى زيادة الشكوك ليس في الشارع فحسب، بل وسط أحزاب الموالاة والمعارضة على حد سواء التي كانت تعاني في الأصل من عدم وضوح الرؤيا.ما يغذي هذه الشكوك أن بيان رئاسة الجمهورية لم يصدر إلا بعدما كانت الإشاعة قد ملأت الدنيا منذ يومين بشأن عودة الرئيس بوتفليقة إلى مستشفى فال دوغراس، وهذا التأخر في الإعلان عن تنقل الرئيس إلى باريس يعني أن هناك شيئا يراد إخفاؤه.ويرجح أيضا أن طول فترة مكوث الرئيس في فال دوغراس (مابين 13 و17 جانفي)، وهي فترة كافية لتسرب أسرارها خصوصا في وسائل الإعلام الفرنسية، وراء لجوء مصالح رئاسة الجمهورية إلى الجهر بهذه الزيارة الطبية للرئيس بوتفليقة إلى الخارج. إذ لا يعقل أن تكون هذه الزيارة مثلما جاء في بيان رئاسة الجمهورية مبرمجة “منذ مدة”، غير أنه لا يكشف عنها إلا متأخرا وفي الوقت بدل الضائع، اللهم إلا إذا كانت هذه المصالح تتعمد في تسييرها للاتصال على استمرار الضبابية وخلط الأوراق، ربما ضمن حسابات وموازين قوى لا يراد لها أن تظهر حاليا وعلى علاقة بالعهدة الرابعة.وفي الوقت الذي تحدث فيه بيان الرئاسة عن “فحص روتيني”، وهو ما يتطلب بالنسبة لشخص مثل رئيس الجمهورية سويعات فقط، جاء في نفس البيان أن الرئيس سيمكث لغرض القيام بذلك قرابة أسبوع في باريس، وهو ما يفتح باب التأويلات بشأن حقيقة الوضع الصحي للرئيس غداة استدعاء الهيئة الناخبة لرئاسيات لم يعد يفصل عن تاريخها سوى 3 أشهر. وما يسجل في هذا السياق أن هذا الوضع لم يطمئن مساندي العهدة الرابعة الذين يكونون على الأعصاب، خصوصا منذ الإعلان عن تنقل بوتفليقة مجددا إلى باريس، وفي نفس الوقت لدى خصومه في المعارضة الذين اختلط عليهم من دون شك الحابل بالنابل بشأن السر وراء هذا التوقيت المختار من قبل الرئيس لإجراء فحوصات طبية “روتينية”، على مقربة من بداية إيداع طلبات الترشح للرئاسيات. فأي رسالة يريد بوتفليقة إيصالها إلى خصومه؟ من الصعب على أحزاب المعارضة أن تفكك رموز هذه الخرجة الطبية للرئيس وهو الذي كان قد أسدى وسام الاستحقاق إلى طاقمه الطبي (عقداء مستشفى عين النعجة) الذي رافقه في رحلة العلاج إلى باريس يوم 27 أفريل الفارط، كمؤشر على نهاية مهمتهم.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات