+ -

 كان أسبوعا آخر للحديث عن العهدة الرابعة، ولتوجيه الانتباه جهة التفاصيل، بشد الاهتمام إلى “قضية” آجال التوقيع على مرسوم استدعاء الهيئة الانتخابية. كان يمكن تجاوز هذا الموضوع بالتركيز على مواصفات من سيحكم الجزائر.. سنه ومؤهلاته واستعداداته..كان أسبوعا مزدحما بالسيناريوهات، الممكنة وغير الممكنة، لموضوع يبتعد يوما بعد يوم عن سكة المعقول. لم نعد نفكر لجزائر الغد، بل انخرطنا، بوعي أو من دون وعي، في مشروع التشجيع على إلحاق مصلحة البلاد بمصير شخص وبمصير جماعة. فأصبح الموضوع الأول هو العهدة الرابعة، بما يحمله ذلك من صور ورسائل ترسخ في الأذهان استحالة حدوث تغيير على اسم الساكن بقصر الرئاسة وتم إغفال بقية الاهتمامات.أكيد أن المتنافسين في السباق الرئاسي لا يمتطون نفس الوسيلة، فالرئيس تتجمع بين يديه كل وسائل الدعاية لنفسه ويجمع أيضا وسائل “الدعاء” على منافسيه.إن الذي كانت له شجاعة تعديل الدستور لتمديد الحكم، لن يتعب في ترتيب فوضى معنوية قد تؤدي، قبل الانتخابات، إلى التسليم بالإبقاء على الوضع الحالي ، واعتباره من شروط الاستقرار السياسي.تلقيت من شهرين رسالة من صديق، كتب معقبا “ماذا لو تكتب بأن الشعوب في العالم تنتخب للتداول على السلطة، ولخدمة البلاد بشكل ديمقراطي. ولكن في العالم الثالث تسير الأمور عكس عقارب الساعة. ولهذا يجب وضع قانون ينضم انتخابات كل 25 سنة.. وذلك أفضل”.المشكلة في تصوري، أن الأنظمة بحاجة إلى انتخابات لتزوق وجهها، وللتغطية على محدوديتها في إيجاد الحلول. إننا كثيرا ما نسمع عبارة “ليست لدينا حلول سحرية”. أو “أنا لا أملك خاتم سليمان”.. ومجموعة أخرى من المقولات التي يشهر بها السياسي عن إفلاسه وعن عجز حيلته. لكن عند اقتراب “موعد انتخابي” يشتغل اللسان بتقديم “الوعد” بالمستحيل الذي لم يتحقق منذ سنوات، وأحد هذه المستحيلات أن تهتدي الطبقة الحاكمة إلى سبيل يحرر اقتصاد البلد من قبضة ريع المحروقات.فتلك الوعود تخدر ولا تعالج. ولهذا أصبحت أنظمة غير ديمقراطية، تختلق المناسبات لتنظيم انتخابات “مهربة” عن الدعم الشعبي لها.فالموضوع في النهاية، يدور منذ البداية حول استخدام الانتخابات لمنع التغيير، أو لإفراغها مما قد يؤدي إلى ذلك المعنى، ولنا في الأنظمة العربية النموذج الحي، في تعاملها مع الربيع العربي.فما رأي الصديق صاحب الرسالة؟كتب ليعبّر عن أسفه، وعن مرارته، حين كان تائها بين المستشفيات، بحثا عن علاج لمرض أقعده الفراش. وستجري الانتخابات ولن يشارك فيها هذا الصديق. رحل من أيام قليلة. ودّعناه وهو مدرك بأنه لم يعثر على ما كان يجب من الرعاية. كتب ليعبّر بعفوية ومرارة عن غلب وعن مرض “الصحة”.مات وهو يحلم بنوع انتخابي. ذهب وفي صدره مفارقة بين خطاب رسمي يتباهى بالأرقام، وبين واقع يقول إن الجزائر غير قادرة على التكفل صحيا برئيسها.فكيف يكون الحال مع بقية الشعب؟جاءت الانتخابات لتكون موعدا للتداول، وللتنافس بين الأفضل. وأدى تغيير طبيعتها إلى تغيير وجهتها. فمن صيانة الثقة والتماسك الاجتماعي والسياسي إلى الضعف والاهتزازات. فأصبح شعارها هو البحث عن الأقل.. ضرر.جاءت الانتخابات من أجل العثور على المستحيل من داخل المجتمعات، وبحثا عن “خاتم سليمان”، لفك أقفال الفكر والعقل، ولكسر الغلال التي تخنق الذاكرة.. في الأصل، هي لم تكن لتستلهم القوة من العجز أو الاتكال[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: