38serv
عاش "براهم بن محمد" إلى جانب تلك الأشغال الشاقة والمعاملة المهينة، وضعاً مزرياً للغاية حتى مع رفقائه من السجناء، فقد كان غريباً وسط أولئك الذين قدموا من فرنسا وأوروبا، كان الكثير منهم من المصنّفين الخطرين. حيث أجبر ذات مرة للدخول في عراك دفاعاً عن النفس، فقانون المعتقل هو قانون الغاب، فلم يكن يسمح لنفسه بأن يستسلم أو يغفر، وإن كلّفه ذلك عقوبة قاسية بحقه، تماماً كما حدث في الثالث والعشرين من يوليو 1863، بعد مرور 115 يوماً من حبسه في سجن "تولون"، فقد سلطت على "ابراهم" عقوبة الحبس الانفرادي بزنزانة لوحده، قضى بها منفرداً لمدة ثمانية أيام. ولمفارقة القدر، فقد تمّ تاريخياً التحضير لحملة الجزائر العسكرية وغزو الجزائر العاصمة في نفس سجن "تولون" ذاك، من قبل جيوش الملك شارل العاشر .
دامت إقامة "ابراهم بن محمد" في سجن "تولون" حوالي التسعة أشهر من لحظة وصوله إليه يوم الجمعة السادس من مارس 1863، إلى غاية صدور قرار ترحيله ضمن أولى المجموعات باتجاه منفى "كاليدونيا الجديدة". أختير وقتها "ابراهم" من قبل المحافظ البحري لتولون "أندري بول كلافو" André Paul CLAVAUD، كجزائري وحيد ضمن 250 سجيناً صدر أمر ترحيلهم إلى "كاليدونيا الجديدة" .هذه الأخيرة التي احتلت عبر حملة عسكرية بتاريخ 24 سبتمبر 1853 حين حطّ الأميرال "فيبري ديسبوينت" contre-amiral Febvrier-Despointes أفواجه في ما كان يسمى في الماضي البعيد"بلايد" Balaide من قبل السكان الأصليين أي "قرية الأرض الكبرى"، معلناً ملكية الأراضي باسم الملك نابوليون الثالث، وبالتالي ليصبح الأرخبيل وقتها مع أطرافه مستعمرة فرنسية. عُيّن "شارل غيلان"Charles Guillain بمرسوم صدر في الرابع عشر من ديسمبر عام1861 أول حاكم على "كاليدونيا الجديدة"، التي سميت عاصمتها "نوميا" أي "حصن فرنسا" Fort-de-France ووصلها في الفاتح من يونيو عام 1862.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات