38serv
من خلال متابعة التصريحات الفرنسية الأخيرة فيما يتعلق بتاريخ الجزائر وبدور تركيا فيه، يبدو للمراقب، وبعيدا عن أية تأويلات تفكير مؤامراتي، أن الرئيس إيمانويل ماكرون يعرف بدقة ما يتفوّه به وليس بذاك الشاب المتهور الذي يغرق في رمال السياسة الدولية المتحركة حيناً والمتخشّبة أحيانا. وقد جرت العادة في العديد من التحليلات أن يوصم ماكرون بضعف الخبرة السياسية على حساب قدراته المالية والاقتصادية المتطورة نتيجة تكوينه العلمي ونشاطه العملي الذي سبق وصوله إلى حكومة فرانسوا هولاند كوزير للاقتصاد.
في المقابل، أظهرت السنوات الممتدة منذ صعوده السريع إلى واجهة المشهد السياسي الداخلي الفرنسي، والذي تم تتويجه بتبوئه منصب رئيس الجمهورية سنة 2017، بأنه لاعب سياسي ماهر، بحيث استطاع أن يقضي نسبيا على الحزب الاشتراكي باستقطاب بعض العناصر القيادية مترهلة الانتماء الأيديولوجي فيه. كما أنه تمكن من تحقيق إضعاف بنيوي عميق في حزب الجمهوريين الديغولي الذي ينتمي إلى اليمين التقليدي، وذلك باستقطاب عدد من العناصر المؤثرة والفاعلة وإدماجها في آلته السياسية كالشخصيتين المؤثرتين وزيري الاقتصاد والداخلية الحاليين. وأخيرا، ومن خلال الدعم الخفي لصعود نجم المتطرف الجدلي إيريك زمّور الذي سحب البساط من المتطرفين "التقليديين" وتطرف على يمينهم أكثر، فقد تمكن الرئيس ماكرون من إضعاف خصمه المباشر الذي كان ما يفتئ يحظى بارتفاع في أرقام استطلاعات الرأي، وهو حزب اليمين المتطرف "التجمع الوطني" الذي ورثته مارين لوبين عن أبيها جان ماري وكان يحمل اسم "الجبهة الوطنية". جان ماري هذا، إضافة الى تصريحاته ومواقفه المعادية للأجانب وللسامية، فقد سبق له أن عبر عن اعتزازه وفخره بالقيام بتعذيب مواطنين جزائريين عندما كان ضابطا في جيش الاحتلال الفرنسي في الجزائر.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات