38serv
لخصت روث ألكرييف، صحفية القناة الإخبارية الفرنسية “بي.آف.آم”، التوجه العام لوسائل الإعلام الفرنسية، حين سألت عن الاعتداءات عن المسلمين، فقالت “اليهود مات منهم أربعة، والمسلمون يواجهون فقط رسوما على جدران المساجد”.التوجه هو الانزلاق الذي عرفته تغطية وسائل الإعلام الفرنسية للأحداث الأخيرة، التي تحوّلت من اعتداء على مقر أسبوعية ساخرة، إلى معاداة للسامية بمقتل يهود في متجر، وتبعتها أيضا التصريحات الرسمية للمسؤولين الفرنسيين التي حوّلت الحادث المأساوي من اعتداء على حرية التعبير، إلى حرب اضطهاد ضد الجالية اليهودية بفرنسا، وما تلته من حزمة إجراءات، كتسخير 5 آلاف جندي لحماية المعابد والمدارس اليهودية، في الوقت أن الاعتداءات كانت تمس المساجد، وليس العكس. “من ليس شارلي.. فهو إرهابي”مسلسل توجيه الرأي العام وتوجيه أيضا أصابع الشبهة للجالية المسلمة، افتتحه إيفان روفيول، كاتب عمود في يومية “لوفيغارو” والمعروف بكتاباته القاسية ضد المسلمين. ففي إحدى الحصص الإذاعية التي يشارك فيها عدة محللين، طالب هذا الأخير بنبرة حادة من زميلته المسلمة في الحصة، رقية ديالو، من أن تقول علنا إنها ضد ما تم القيام به في مقر “شارلي إيبدو”، فأجهشت بالبكاء، بعد أن صرحت بأنها غير مطالبة بالحديث كمسلمة، بل كمواطنة فرنسية، ويجب التنويه بالمساندة التي تلقتها من لورانس باريزو، الرئيسة السابقة لمنظمة أرباب العمل في فرنسا في هذه الحصة.فكانت البداية هكذا، مطالبة المسلمين بالإفصاح أنهم ضد ما تم القيام به بمقر “شارلي إيبدو”، ما يوحي بأن السكوت يعني مباركة الهجوم المسلح، ليكون الشعار الخفي لهذا “من ليس شارلي فهو إرهابي”. محللون على المقاسالقنوات الإخبارية الفرنسية، وعلى مدار عدة أيام، فتحت استوديوهاتها لسيل من المحللين والمتابعين، لكن الاختيار كان على المقاس، ويمكن تصنيف المحللين لفئتين، الأولى المعروفة بعدائها للإسلام وللمسلمين، من بينهم الناشطة كارولين فورست التي وبخت إماما في نشرة الثامنة للقناة الفرنسية الثانية، ووبخته كما يوبخ الأب ابنه بعد خطأ جسيم، والرسالة الضمنية هي أن المسلمين يتحمّلون مسؤولية ما عمل السفهاء منهم.من أمثال كارولين فورست الكثير، نذكر مثلا فيليب فال، المدير السابق لـ”شارلي إيبدو”، الذي قرر نشر الرسوم المسيئة للرسول سنة 2006، غير أنه هو أيضا من طرد الرسام الكاريكاتوري “سيني” من “شارلي إيبدو” بسبب رسم لم يعجب ساركوزي، هذا الأخير كافأه بعد وصوله لسدة الحكم بتعيينه مديرا لـ”راديو فرانس”، وهو مجمع كل الإذاعات العمومية الفرنسية. فيليب فال دافع عن حرية التعبير، وطالب المسلمين هو الآخر بالتنديد بما جرى، وهو أيضا من طرد بعد تعيينه في المنصب المذكور كاريكاتوريين تحاملا على ولي نعمته ساركوزي.الفئة الثانية، هي لمسلمين وعرب ليلعبوا دور الضامن للتوازن، لكن باب “البلاتوهات” التلفزيونية لم يكن مفتوحا للجميع، فيجب أن يكون اسمك حسن شلغومي أو الإمام حسن شلغومي، الذي تريد وسائل الإعلام الفرنسية منذ سنوات تنصيبه ممثلا للجالية المسلمة رغما عنها، لأنه رسام كاريكاتوري للمغترب العربي والمسلمين، فالإمام لا يحسن نطق جملة صحيحة باللغة الفرنسية ويتمادى في البكاء أمام الكاميرات، وذهب لإسرائيل وبكى أيضا أمام حائط المبكى. فلكي تكون مسلما معتدلا وصالحا بالنسبة لوسائل الإعلام، يجب أن تعلن الخضوع للوبي الذي يسيطر على وسائل الإعلام الفرنسية.من أمثال هؤلاء أيضا، الجزائري محمد سيفاوي، الذي وجّه سهامه لطارق رمضان، المفكر الوحيد الذي يملك من الذكاء والمعرفة ليكون ممثلا حقيقيا للجالية المسلمة بفرنسا. فوسائل الإعلام تجاهلت هذا الاسم، لكنها سارعت إلى مد ميكروفوناتها لمحمد سيفاوي الذي انتقده، لأن طارق رمضان قال إنه متضامن مع عائلات الضحايا، لكنه يرفض الخط الافتتاحي لـ”شارلي إيبدو”. الاعتداءات على المساجد.. لا حدث!بدأنا بروث ألكرييف، المصنفة من قبل جهات فرنسية بالصحفية الصهيونية، وسننهي بها، فلما طرح عليها سؤال مساء أول أمس، عن استفحال الاعتداءات ضد المساجد في فرنسا، قالت “هناك من جهة أربعة قتلى، ومن جهة أخرى مجرد رسوم مسيئة على جدران مساجد”، لنتمعن في التصريح، أولا قالت 4 قتلى يعني اليهود، وتجاهلت أن الهجوم أودى بحياة 17 شخصا، من بينهم مسلمين، يعني أن الصحفية تريد توجيه الصراع بين اليهود والمسلمين، الذين قللت من الضغط الرهيب الممارس عليهم حاليا لمجرد رسوم على جدران.على العموم، تعامل الإعلام الفرنسي مع الأحداث الأخيرة، لم يخرج عن الإطار السائد منذ سنين طويلة، فوسائل الإعلام الفرنسية تحت ضغط اللوبي الصهيوني حوّلت ديودوني إلى وحش بعد مجرد “سكاتش” حول اليهود، وهي تحوّل اليوم اعتداء إرهابيا على مقر صحيفة إلى هجوم معادي للسامية، وقزّمت 50 اعتداء على المساجد لمجرد “تفصيل”، كما قال جون ماري لوبان، عن محرقة اليهود.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات