أوقفت إدارة التلفزيون العمومي تسجيل برنامج حول ”إنجازات الرئيس بوتفليقة”، كان فريق تلفزيوني بصدد إنجازه، بعدما تم تسجيل ثلاث حلقات، في عدد من الولايات، ولم تعرف أسباب وقف تسجيل البرنامج، عدا ما تردد في أروقة التلفزيون أن سببا ”ماديا” حال دون مواصلة الإعداد للبرنامج.وقالت مصادر لـ”الخبر” إن البرنامج التلفزيوني الذي اختير له عنوان ”جذور وبذور” الذي يتعرض لإنجازات الرئيس بوتفليقة طيلة عهداته الثلاث على رأس البلاد، أوقف لأسباب مجهولة، بينما روج، ظاهريا، أن تعذر مواصلة تسجيل البرنامج كان لسبب مادي، ويتعلق الأمر بعدم امتلاك التلفزيون الجزائري لشاشة عملاقة يستعان بها في عرض حلقات البرنامج في ”البلاطو” لتكون مرادفة لعرض التسجيلات التي تتم بالولايات، وعدم قدرة إدارة الهيئة العمومية شراء الشاشة التي تكلف سبعة ملايير سنتيم.ولم يهضم السبب الذي روج له، باعتبار أن التلفزيون الجزائري يمتلك من الميزانية والإمكانيات ما يمكنه تجسيد مشاريع إعلامية أو ”دعائية” دون أدنى عراقيل أو صعوبات، بينما تطرح قصة افتقاره لشاشة عملاقة، تساؤل حيال ”مسودة” المشروع الدعائي التي تتضمن كل التفاصيل بشأن الأجهزة المفترض الاعتماد عليها في إنجاح البرنامج، من حيث يفند هذا السبب، تسجيل ثلاثة أعداد كاملة، ليظهر بعدها أنه لا يمكن عرضه لانعدام الشاشة العملاقة وعجز إدارة التلفزيون عن تخصيص سبعة ملايير سنتيم من أجل اقتنائها؟السؤال المطروح، لو لم يكن هناك سبب آخر، سياسي بالدرجة الأولى، هل يمكن لإدارة توفيق خلادي أن تقنع الرئيس بوتفليقة أو محيطه المكلف دوما بتنسيق الأعمال التلفزيونية ذات الصلة المباشرة بالرئيس، أن الامتناع عن مواصلة برنامج ”جذور وبذور” يتعلق بالعجز عن اقتناء شاشة عملاقة بسبعة ملايير، بينما الرهان السياسي المتعلق بالانتخابات الرئاسية 17 أفريل، أهم بكثير مما قد ينفق عليه، من أموال ومن المخصصات المالية للتلفزيون الجزائري، التي يتردد أنها ”ضخمة” وتتناغم مع اعتبار الرئاسة، أن الشاشة الوطنية تتبع مباشرة رئاسة الجمهورية، ولا تتبع وزارة الاتصال إلا شكليا، أو تقنيا. قصة توقيف البرنامج الذي أعدت مثيله التلفزة الوطنية في كل مرة يترشح فيها الرئيس للانتخابات، بتجنيد وسائل ضخمة وإمكانيات معتبرة دون قيود، إضافة أخرى لضبابية، تلف موقف الرئيس بوتفليقة من الترشح للاستحقاق المقبل، من عدمه، وهل للمسألة علاقة مباشرة بهذا الموقف، حتى وإن كان تسجيل برنامج دعائي من هذا النوع، لا يدل رأسا على أن المعني سيترشح بالضرورة، وعدم بثه يعني أنه لن يترشح، فقد تكون الرغبة في ”تكريم الرئيس” احتمالا ثالثا، لكن هذا لا يبطل التساؤل عن خلفية التخلي عن المشروع الدعائي وما إذا كان التوقيف يتصل بالمصير السياسي لبوتفليقة. في ظل دعوات تصله بـ”تحرير” المشهد الرئاسي، ووضع حد لصمت دام طويلا. ويمثل التلفزيون الجزائري، المؤسسة الإعلامية والدعائية اللصيقة بمسيرة الرئيس بوتفليقة، منذ اعتلائه سدة الحكم عام 99، أكثر من التصاقها بالرؤساء الذين سبقوه، حتى وإن كان الراحل الشاذلي بن جديد، استعان بها، في سعيه إلى استعادة ”شعبية” أخذت في الاضمحلال أواخر الثمانينات، رغم أنها لم تكن وقتئذ في مستوى تحدي ”تلميع صورة رئيس”، من الناحية التقنية، لذلك تمت الاستعانة بالممثل البريطاني الشهير بيتر أوستينوف، الذي كان سفيرا للنوايا الحسنة لدى الأمم المتحدة، من أجل إعداد برنامج تلفزيوني سماه ”التحدي الجزائري”، يتناول فيه إنجازات الشاذلي بن جديد، وتم ذلك بالفعل. وبين برنامج ”التحدي الجزائري” الذي يذكر كلما ذكر أوستينوف الذي توفي عام 2004، وبرنامج ”جذور وبذور” الذي أريد له أن يصمت كما يصمت الرئيس بوتفليقة، مسافة زمنية طويلة، طول ”الفيلم الوثائقي” الذي تناول حياة الراحل بومدين، الذي قدمه حمراوي حبيب شوقي عام 1997، لما كان مديرا عاما للتلفزيون وأشرف بنفسه، على حيثياته، وقبله، أعد التلفزيون برنامجا مماثلا عن نفس الرجل، لمدني عامر، وإن كان العملان الأخيران، ”تكريميين” بالدرجة الأولى، ولا يبتغى منهما جعل إنجازات الرئيس حاضرة في الأذهان بمناسبة موعد انتخابي. فمغزى ذكر هذه الأعمال تتصل بقدرة التلفزيون على القيام بأي مشروع يرتبط في أهميته بظرف سياسي، مهما كانت تكلفته، خاصة إذا تعلق الأمر بالقاضي الأول في البلاد.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات