38serv
بدعوةٍ رسميةٍ من القيادات الإنجيلية في تكساس الّتي تُمثِّل مركز الطائفة الإنجيلية بالولايات المتحدة الأمريكية، قُدِّم الشّيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، ‘ضيف شرفٍ’ على الحدث الاستثنائي الّذي عقده “منتدى الأديان الدولي 2022” تحت شعار “حلفاء غير معتادين يبنون معًا مجتمعات مزدهرة”، واستضافته للمرّة الأولى أهمّ الولايات الأمريكية الثلاث الحاضنة للمجتمع الإنجيلي الأمريكي، والبالغ عددهم أكثر من 90 مليونًا، وهي ولاية تكساس الّتي تعتبر الحاضنة الأولى والأهمّ لـ«الإنجيليين” في العالم، وولاية كنساس حيث أكبر الكنائس الأمريكية، وولاية ميرلاند، وذلك بتمثيل ومشاركة رسمية من الحكومة الأمريكية، وزعماء التنوّع الدّيني الأمريكي، وقيادات في عدد من المنظمات الدولية، وممثلي الجالية الإسلامية الأمريكية، ونخبة من الفعاليات الدّينية والمجتمعية والفكرية والأكاديمية المؤثّرة داخل الولايات المتحدة وخارجها، وبحضور مئات الآلاف من الجماهير في محطات الحدث التاريخي الثلاث، وعبر المنصات الّتي بثّته مباشرة.شهد المنتدى مقدمة تعريفية بـ«وثيقة مكة المكرمة”، ومقدمة ترحيبية بضيف الشّرف الأمين العام الشّيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى. ثمّ استهلّ القائد الإنجيلي بوب روبرت، في كلمته التقديمية، الّتي ألقاها في الكنيسة الرئيسية للمجتمع الإنجيلي في الولايات المتحدة الأمريكية: “نسعد أن يكون د. العيسى في ضيافة المنتدى العام، وهو الشّخصية الدّينية الدولية الأشهر في العالم الإسلامي، بقيادته لمنظمة تمثّل الشّعوب الإسلامية كافة، ومقرّها مكّة المكرّمة، وأيضًا هو الشّخصية الّتي نقشت اسمها في ميدان صناعة السّلام العالمي، وبناء الجسور بين الأديان والثقافات والحضارات”.وأكّد بوب روبرت أنّ “الدكتور العيسى هو صوت معتدل قويّ يحتاجه عالمنا اليوم في مواجهة أصوات الكراهية والعنصرية والتّطرُّف، بما له من ثقل كبير في العالم الإسلامي، ومن تأثير قويّ على الساحة الدولية”. وتابع: “نحن نفخر بشراكتنا القويّة مع رابطة العالم الإسلامي بقيادة الدكتور العيسى في مسيرتها الأخيرة المميزة لإرساء التّعايش المجتمعي والسّلام العالمي، وأن نعمَل معًا جنبًا إلى جنب في ردم الفجوات السلبية بين أتباع الدّيانات والثقافات، ولاسيما خطاب الكراهية والعنصرية والتعصُّب، الّتي يروّجها المتطرفون والمتعصّبون ودعاة الصّدام”، مؤكّدًا أنّ مثل هذه القيادة الاستثنائية وبهذه الجهود المشتركة “هي ما يمنحنا الأمل دائمًا في تخطّي أزمات الواقع، والتّطلّع إلى مستقبل أفضل لعالمنا، تجمعنا فيه المحبّة والمصالح المشتركة وإرادة الخير لمجتمعاتنا الإنسانية”.وأشاد بـ “وثيقة مكّة المكرّمة” الّتي قدَّمت أنموذجًا مختلفًا في نقل صورة الإسلام الحضارية للعالم، وما تضمّنته من بنود ترسي أسس العدل وحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية الشّاملة.من جهته، أكّد الشّيخ د. محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي في كلمته، أنّ التّقدم الحقيقي لا يحدث إلّا عندما يقترن العمل والشّجاعة بالتّصميم القويّ على إيجاد عالم أفضل لجميع النّاس، بغضّ النّظر عن الاختلافات الدّينية أو العرقية أو غيرها، موضِّحًا أنّ السّعي إلى التّغيير نحو الأفضل “ليس سهلًا، لا في تقبُّله ابتداء، ولا في سرعة الاستجابة له وقتًا، وقد يتطلّب أحيانًا دورة زمنية طويلة، وهذا كلُّه يَلزمُ له رؤية سليمة وطموحة”.وفي صناعةِ التغيير نحو قيمنا الإنسانية المشتركة، نوَّه الدكتور العيسى بأهمية اللّقاءات المثمرة بحواراتها الفعّالة، إضافة إلى أهمية اللّقاءات البينية بين مختلف أتباع الأديان والثقافات، وضرورة إيجاد مساحة آمنة لتفهّمٍ واحترامٍ أفضل بين الجميع، مضيفًا في هذا السياق قائلًا: “لا بدّ أن نوضّح للجميع أنّ مفاهيمنا المشتركة تدعو للتّعايش، بل للتّحالف”.وقال العيسى: “أسعدُ بأنّ حوارنا اليوم أثمر تحالفًا قويًا لدعم قيمنا المشتركة”، وتابع قائلًا: “خطاب الكراهية في مقدمة أسباب الانقسام والعنف ولا بدّ من تجريمه في كافة التّشريعات، مع عدم التّساهل في ذرائعه”.وتطرّق أمين عام الرابطة إلى مضامين مهمة في “وثيقة مكّة المكرّمة” الّتي صادق عليها في مكّة المكرّمة أكثر من 1200 شخصية دينية مسلمة، بين مفتٍ وعالمٍ بارزٍ، كما صادق عليها أكثر من 4500 مفكرٍ إسلاميٍّ حضروا مؤتمرها التّاريخي، من 139 دولةً، ممثلين لـ27 طائفةً ومذهبًا إسلاميًا. وأشار إلى أنّ هذه الوثيقة تعدّ أهمّ الوثائق الإسلامية في التاريخ الإسلامي الحديث، لمَا تطرّقَت إليه من معالجات شاملة لأهمّ القضايا والمشكلات المعاصرة، ولِما حظيت به من إجماع إسلامي غير مسبوق من نوعه، زيادة على التّأييد الرّسمي لها من قبل الدول الإسلامية، حيث اعتمدها اجتماع وزراء خارجية الدول الإسلامية مرجعيةً في المؤسسات الدّينية والثقافية والتّعليمية.وختم الشّيخ العيسى بالقول: “إنّنا نتشاطر بناء عالم يفترض ألّا يكون فيه بيننا مكان للتّعصب والتّمييز والظّلم، ساعين بقيمنا المشتركة وعزيمتنا القوية إلى تعزيز عالم أكثر شمولًا ومساواةً عادلة”، وقد نوّه بالقيم الإنسانية للمجتمع الإنجيلي وسعادته بصداقة رابطة العالم الإسلامي لهذا المجتمع، الّذي نعدّه حليفًا موثوقًا به.بدوره، تطرّق السفير المتجوّل للحريات الدّينية في الإدارة الأمريكية، إلى أهمية حماية الأقليات الدّينية في جميع أنحاء العالم، وقال: “أريد منكم جميعًا أن تعلموا أنّنا لا نستطيع القيام بهذا العمل بدونكم، فأنتم شركاؤنا في المجتمع المدني، وغالبًا ما تكونون أنتم أكثر فعالية منّا في القيام بهذا العمل؛ لأنّكم تتمتّعون بمصداقية جماعتكم، فلديكم المصداقية في العمل معهم، والوجود معهم، وقيادتهم لسنوات متطاولة، ولكنّني أعتقد أنّ أقوى طريقة يمكننا من خلالها القيام بهذا العمل، تكمن في التّعاون بين الحكومة والمجتمع المدني”.ثمّ توالت كلمات الشّخصيات الكبيرة كالسفير السابق للحريات الدّينية في الإدارة الأمريكية سام براونباك، والسفير الأسبق للحريات الدّينية في الإدارة الأمريكية ديفيد سابيريستاين، والمدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي، والناشطة في حقوق الإنسان كرستين كين.وكانت لقاءات الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي للقيادات الإنجيلية قد شملت ثلاث مدن في ثلاث ولايات أمريكية، التقى خلالها قياداتها في احتفالات كبيرة حضرها آلاف الإنجيليين، في مشهد اعتبره الجميع استثنائيًا وغير مسبوق مع قيادة دينية غير إنجيلية. وفي بيانها الختامي، أكّدت تلك القيادات أنّ رابطة العالم الإسلامي تمثِّل في خطابهم المرجعية الدّينية الإسلامية، وأنّها حليف قويّ يوثق به للعمل على القيم المشتركة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات